الحرص على استفزاز مشاعر الآخرين وإشعال فتيل المشاكل لا يمكن أن يعتبر حرية تعبير ودفاع عن حرية الرأي كما يدعي البعض من الذين قرروا ركوب موجة الفيلم المسيء "براءة المسلمين" والمتاجرة بهذه القضية على أمل تحقيق بعض المكاسب المادية منها، وإنما يدل على أمر واحد لا ثاني له وهو مدى الحقد الدفين الذي يستعر في نفوس البعض في الغرب ضد الإسلام والمسلمين وكراهيتهم المطلقة له. هذا هو الأمر الوحيد الذي يتبادر إلى الذهن، ويفسر سبب تسابق مجلات في أوروبا وتحديدا في فرنسا وألمانيا الأسبوع الماضي على إصدار أعداد مخصصة للإساءة لسيد الخلق عليه أصدق الصلاة والسلام، ورفض كل المحاولات لإثنائها عن النشر، على الرغم من وعيهم المطلق بحجم ردة الفعل التي تنجم عن هذه النوعية من الأعمال، وما يمكن أن ينتج عنها من تصرفات قد تعرض حياة الآخرين للخطر. وأصحاب هذه المجالات ليسوا منعزلين عن العالم ولا يعيشون في كوكب آخر غير الأرض، وقد شاهدوا بأم أعينهم حجم أعمال التخريب التي رافقت عرض الفيلم المسيء، وما نتج عنها من مقتل السفير الأميركي في ليبيا وتضرر بعض المصالح المختلفة في عدة دول إسلامية، وتابعوا حجم ردة الفعل التي حصلت، من احتجاجات واسعة، وما صاحبها من شجب دولي يرفض للتطاول على الأديان. وهم يدركون أن عرض رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم قد يتسبب في ردة فعل عنيفة، الله تعالى وحده يعلم حجمها، وما قد ينتج عنها من إلحاق الضرر بأشخاص أبرياء ليس لهم ذنب غير أنهم تواجدوا في المكان والزمان الخطأ. وماذا كانت ردة فعلهم؟ الإصرار بوقاحة على نشر المزيد من الأعمال المسيئة وصب المزيد من الزيت على النار، متشدقين بحرية التعبير التي تسمح لهم بقول ما يريدون دون أن يتعرضون للعقاب، ودون أن يتمكن أحد من منعهم، وهذا ما حصل بالضبط حيث لم تتمكن الحكومتين الفرنسية والألمانية من منع النشر، وعوضا عن ذلك اضطرت إلى زيادة قوات الحماية على بعثاتها ورعاياها في الخارج خوفا من الأعمال الانتقامية. هذه أعمال لا يمكن اعتبارها حرية تعبير، وإذا اعتبرناها كذلك فإنها بالتأكيد حرية تعبير شيطانية تتعامل باستهتار مع الآخرين، وتسعى إلى استغلال الأوقات الحرجة، لرفع معدلات التوتر وتعميق الأزمات والتسبب في تعريض سلامة الآخرين للخطر، وغرضها الحقيقي هو استغلال الفرصة للتعبير عن أحقادها وكراهيتها للإسلام، وتغطية هذه الكراهية برداء حرية التعبير الزائف والذي تحول إلى سلاح سخيف يستخدمونه في كل مناسبة طالما أنه يخدم مصالحهم. سيف الشامسي | salshamsi@admedia.ae