تبذل الدولة جهودا واسعة تهدف للحفاظ على اللغة العربية، من خلال حزمة مشاريع تطلقها بين الحين والآخر، والتوجيهات المستمرة من القيادة الرشيدة لاستخدام اللغة العربية في كافة الخطابات والمراسلات بين الدوائر والشركات والقطاعات المختلفة سواء كانت العامة أو الخاصة. وتلك الجهود الرامية للحفاظ على العربية انطلقت من اعتزازنا بتلك اللغة الربانية، من أجل تعزيز هويتنا الوطنية، ونشر اللغة العربية في الدولة بطرق محببة ومبتكرة، ووفق أفضل الممارسات المطبقة في هذا المجال، فهي أهم تلك اللغات العالمية وأثراها، ولعل معظم العلوم وأجلها كانت بالعربية، وهي التي قادت العالم إلى ما وصل إليه الآن. ولا شك أن آخر مبادرتنا حكومتنا الرشيدة للحفاظ على اللغة العربية بتشكيل مجلس استشاري لمناقشة المشاريع الخاصة بتعزيز جهود الحفاظ على اللغة العربية، ودعم وتعزيز المبادرات الرامية إلى تطبيق توصيات ميثاق اللغة العربية على مستوى الدولة، وللتنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة لتطبيق الميثاق. ومع ذلك فإن تعلم اللغات المختلفة يعد سمة من سماتنا، ويعد ميزة إيجابية، وكما قيل من "تعلم لغة قوما أمن مكرهم"، ولكن دون تطغى تلك اللغات على لغتنا الأصيلة وعلى هويتنا وثقافتنا. بالأمس كنت في أحد المراكز التجارية فشد انتباهي شلة من الفتيات الإماراتيات وهن يتحدثن باللغة الإنجليزية بالرغم أنه لا توجد بينهم أجنبية، ولكن كما يقولون "خل الناس يسمعونا بيتحرونا مثقفات"، شعرت بامتعاظ، وبحثت لي عن مكان لأجلس وأعيد ترتيب أفكاري لكتابة هذه الزاوية، فجلست في مقهى يعج بالشباب لأحتسي قهوتي، وإذا بشابين إماراتيين بالطاولة الموازية لطاولتي يتبادلان أطراف الحديث بالإنجليزية أيضا، وكان الحديث يدور حول أحدث السيارات ما جعلني أهرب من ذلك المركز خوفا من أن "يحتاس" لساني مثلهم. نحن ليس ضد تلك اللغات الأجنبية، ولكننا نطالب أيضا بالاعتزاز بلغتنا الأم والحفاظ عليها حتى لا نكون يوما بلا هوية، وكل منا يعرف كيف استطاعت الشعوب الأخرى والحضارات نشر ثقافتها وهويتها، وكيف دامت تلك الحضارات لعقود طويلة بسبب اعتنائهم بلغتهم ومحافظتهم عليها. وتبادرت إلى ذهني بعض التساؤلات، اليوم صارت امتحانات تحديد مستوى الفرد في اللغة الأجنبية من شروط ومطالب الكثير من الجهات، ولعل أبرزها الكليات والجامعات، كما إن بعض الوظائف تشترط اجتياز اختبار الآيلتس أو التوفل بمعدلات لا يحققها من كانت الإنجليزية لغته الأم. فلماذا لا يكون لدينا آيلتس أو توفل بالعربي يجتازه الأجانب الراغبون بالعمل بيننا، وهذه الامتحانات ستكون أيضا وسيلة لنشر لغتنا وهويتنا؟ حمد الكعبي | halkaabi@alittihad.ae