أصبح للمرأة لون خاص، فمعظم منتجات النساء غدت تختم باللون الوردي، فأكثر من 50% من السلع المخصصة للنساء باتت وردية، فأنت لست محتاج للقراءة أو السؤال إن كان المنتج للنساء أم للرجال يكفيك أن ترى اللون حتى تعرف كيف تصنفه. وخلال زيارتي لأحد المتاجر لفتني منتج كتب عليه للنساء، ولونه أبيض جذبني الاختلاف في الشكل المقدم للمرأة فاشتريت "الشامبو" لأتفاجأ بالسائل الوردي! دائماً ما تتدخل الإعلانات في توجيه قراراتنا. وتجذبنا بكل أساليبها للتهافت على السلع والمنتجات بغض النظر عن جودتها وأهميتها لنا. وعملت هذه الإعلانات على إعطاء المرأة لوناً قريباً من نفسيتها علما بأن الألوان الفاتحة عادة ما تجذب النساء، فكان الوردي بأحلامه هو الحلوى التي قدمت إلى العنصر الأكثر شراءً واستهلاكاً (المرأة)، وبدأت الإعلانات بمنشآتها الترويجية العريضة "لخدود أكثر وردية عليك بـ..."، "اجعلي خطواتك وردية بحذاء.."، "اصنعي لمستك الوردية في منزلك"..إلخ". وأصبحت معظم النساء تمشي على أرض وردية، وتصبح على سماء أكثر وردية. حصرت النساء بلون واحد، وأصبحت الحملات التي تعنى بالمرأة وهمومها وردية، "الهم وردي والفرح وردي"! استغرب من انصياع البعض لمثل هذا الاتجاه، فالمرأة لا يرسمها اللون الواحد إن لم ترسم بألوان العالم لا يمكن للون أن ينصف أي امرأة كانت، المرأة عالم وجزء لا يقوم بمثل هذا النوع من الفصل، نجاح أي إعلان ليس بالضرورة أن يسود ويرفض على حياتنا. ففي وقتنا الحالي معظم دمى الصغيرات أصبحت لا ترتدي إلا اللباس الوردي ولا تنام إلا على فراش وردي، وأصبح اللون أكثر سيطرة على أفكارنا، وقام بتحديد جنس المستهلك وجعله ملكا تاما له، أتذكر أن إحداهن قالت "ابني رفض (تي شيرت) الوردي.. تخيلي يقول إنها للبنات مب للأولاد!" التسويق صناعة كبيرة والانسياق لها دون إدراك معضلة أكبر، المرأة الأكثر استهدافا، فالتسويق للمرأة أسهل منه للرجل بحكم طبيعة معظم النساء. ومن أشهر قصص التسويق والتي عرفها التاريخ العربي قصة التاجر العراقي الذي قدم إلى المدينة لتسويق بضاعته فباع كل ما عنده إلا خمارا يستخدم "لتغطية الوجه" فشكى لصديقه الشاعر مسكين الدرامي الذي اشتهر بشعره في الغزل والهجاء، وكان قد زهد في الدنيا، وانقطع للعبادة فكتب له الدرامي ويقال إن اسمه ربيعه بن عامر ثلاثة أبيات منها: قل للمليحة في الخمار الأسود مــــاذا فعلت بناسك متعبد قد كان شمر للصلاة ثيابــــــه حتى وقفت له بباب المسجد فاشترت النساء كل البضاعة التي عند البائع ولم يبق عند التاجر أي خمار أسود، وهكذا هن الباحثات عن "الخدود الوردية" ينسقن وراء اللون الوردي حتى تأتي استراتيجية تسويقية بلون آخر. أمينة عوض | ameena.awadh@admedia.ae