تنتهي إجازة الصيف، يعود المصطافون من بلدان الاصطياف الباردة، ويبدأ موسم ساخن جداً تحت العنوان نفسه في كل مكان، إنه موسم العودة إلى المدارس، كان الموسم فيما مضى يظهر على صفحات الجرائد على شكل شكاوى مزمنة من تأخر صيانة المكيفات، ورداءة أجهزة التكييف في الفصول المدرسية، وتأخر تسلم الكتب، وسوء أوضاع الحافلات في خضم حرارة الصيف الحارقة، وأمور أخرى من هذا القبيل، ومع تطور الأوضاع وتحول جودة التعليم من أمنية إلى شعار ومن شعار إلى استراتيجية حكومية، بدأت شكاوى أخرى تظهر على السطح، وبدأ الآباء والأمهات اتصالاتهم اليائسة بالصحفيين وبرامج البث المباشر، وعليه فلا شيء يبدو أنه سيتغير فما يخص ثقافة الشكوى المزمنة هذه! لن ندعي أن أوضاع المدارس أصبحت مثالية، ولا شيء يدعو إلى التبرم وضيق أولياء الأمور، كما لن ندعي أن موسم العودة للمدارس هو فعلاً موسم بهجة وفرح خالص، كما يكتب الطالب الشاطر في كراسة التعبير الإنشائي حول بداية العام الدراسي، فتعبيرات من قبيل موسم الفرح وأيام البهجة وغيرها تبدو نوعاً من الرومانسية التي لا يفضلها كثير من الآباء العمليين الذين يجدون في ارتفاع الأسعار ومطالب المدارس وفوضى المواصلات وتنقلات التلاميذ بين المدارس والتغذية المدرسية بنظام المقاصف وغير ذلك من الإشكالات، يجدونها حالات لا بد من التدخل للقضاء عليها طالما أننا وصلنا إلى تحقيق جودة تنافسية في مستوى الخدمات التعليمية، وأن الحكومة قد وضعت برامج تطوير فائقة المستوى فيما يخص التقنيات ومستويات المعلمين والتدريب والكتب وغيرها! هنا فإن موضوع اللوازم المدرسية لأسرة تضم ما بين ثلاثة إلى خمسة طلاب أمر يشكل معاناة حقيقية بالفعل في ظل بداية تحول العام الدراسي إلى مزاد تجاري يتبارى فيه التجار برفع الأسعار في الوقت الذي تتبارى فيه المدارس بفرض طلبات لا نهاية لها وفي الوقت الذي يتجه فيه الطلاب إلى نوع من التفكير العملي الذي لا يقتنعون معه بهذه المطالب لكنهم يبالغون أيضاً في البحث عن الغرائب والعجائب التي يجلبونها معهم من أسفارهم البعيدة، الأمر الذي يشكل بيئة تنافس وأحقادا، بل وضغائن بين زملاء الدراسة! الخلاصة أن المدارس ستفعل خيراً فيما لو أنها تكفلت بشكل ما بلوازم الطلاب التكميلية، وستفعل ما هو عملي ومفيد وتربوي فيما لو أنها خففت أو ابتعدت عن هذه المطالب التي يفرضها بعض المعلمين والمعلمات على طلابهم، ففي مدارس الدول المتحضرة انتهت تماماً شكاوى أولياء الأمور حول هذه الشكليات، وصار توفير هذه المستلزمات واجباً مدرسياً مفروغاً منه يتسلمه الطالب مع كتبه حتى لا يكون عرضة لمزاج تجار القرطاسية والمكتبات. أما تأخر وصول الطلاب خاصة الصغار منهم إلى الرابعة عصراً، فتلك مشكلة جسدية ونفسية لا بد من معالجتها فيما يخص توفير حافلات أكثر وتغيير أنظمة النقل المدرسي وإلا فنحن أمام نهاية طبيعية خلاصتها أزمة علاقة بين الطالب والمدرسة بسبب المعاناة اليومية التي يخوضها في شوارع المدينة لمدة ساعات!! أتساءل كلما أنصت إلى شكاوى الأهالي من المدارس، وكلما قرأت عن ذلك في الصحف أو استمعت إلى صغير يروي ملاحظاته الجادة والتي تكون في محلها تماماً عن ممارسات بعض المعلمين والمشرفين في المدارس: هل يستمع هؤلاء لآراء طلابهم فيهم؟ ماذا لو أنصتوا إليهم قليلاً؟ عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com