تقوم بلدية أبوظبي بجملة من المشاريع التطويرية والمبادرات الهادفة للحفاظ على المدينة في أبهى وأجمل الحلل، بصورة تليق بمكانتها كعاصمة للإمارات. وخلال السنوات والأشهر القليلة الماضية تابعنا عن كثب العديد من تلك المبادرات ذات التأثير المباشر على مستوى الخدمات البسيطة والضرورية التي يحتاج إليها السكان. ولعل في مقدمة ذلك إعادة تنظيم البقالات الصغيرة، وما ترتب عليه من منعها من بيع أسطوانات الغاز، ومنع أغلبها من بيع الخضار والفواكه واشتراط معايير صارمة لمن يريد منها إضافة مثل هذا النشاط. وكذلك مبادرات نقل المحلات الحرفية كمحلات تبديل وإصلاح إطارات السيارات وزيوت المركبات ومحلات النجارة وبيع مواد البناء وغيرها من هذه الأنشطة. وفي معرض تطميناتها للجمهور وعدم تأثره بهذه القرارات، كما وعدته البلدية بأنه سيجد خدمات أكثر تطوراً ورقياً، ولن يضطر للذهاب للمنطقة الصناعية لأجل أبسط الأسباب. بل أطل مسؤول في بلدية أبوظبي- عبر برنامج البث المباشر في إذاعة أبوظبي، وبشرّنا بقرب نشر شركات مخولة لسيارات توفر الخدمات الحرفية المطلوبة بكل كفاءة ومهنية. كما أن محطات” أدنوك” المنتشرة ستتكفل بتقديم مثل تلك الخدمات البسيطة المطلوبة. خاصة خدمات تبديل وإصلاح الإطارات وتغيير زيت السيارة. اليوم وبعد مرور عدة أشهر على التطبيق، لم نر أثراً لتلك السيارات التي ستجوب المناطق السكنية لتعرض خدماتها للسكان. وبدلاً من ذلك وجدنا أن البقالات الصغيرة والمحلات الحرفية الأخرى قد تحولت بأعمالها للخفاء مع ارتفاع ثمن خدماتها، لأن المتعامل معها كمن يتعامل مع سوق سوداء. أغلب البقالات الصغيرة تبيع للزبون الثقة كل ما حظرته البلدية وجهاز أبوظبي للرقابة الغذائية عليها من خضار وفواكه وحتى أسطوانات الغاز التي تجلب من مواقع فرعية تابعة لتلك البقالات وغير بعيدة عنها. محلات بيع قطع الغيار والميكانيكيون المهرة وغير المهرة الذين كانوا ينتشرون قبالتها، لجأت لخطط جديدة للعمل من دون أن يكبدوا زبائنهم عناء البحث في دروب” المصفح”. فقد قام العديد من هذه المحلات بالاستعانة بسيارات نصف نقل تضع فيها معظم القطع والأجهزة التي يتزايد الطلب عليها والأكثر استهلاكاً وتنتشر في المناطق التي اعتاد الناس على ارتيادها لأجل إصلاح عطل طارئ. وهناك بالفعل يجدون ضالتهم، وبسرعة قد تزيد عن المعتاد، وهذا أهون عليهم من الذهاب للمنطقة الصناعية. محلات النجارة التفت هي الأخرى على القرار، بتحويل تصاريحها لمكاتب ديكور في الواجهة. حتى شركات رش المبيدات والنظافة توارت في منطقة الأثاث المستعمل سابقاً، بمسميات جديدة، ولكنها تمارس في الواقع ذات العمل. إن وقائع الالتفاف على القرار والذي يدركه جلياً المسؤولون في البلدية، هو نتاج عدم اهتمام الدائرة بتوفير البدائل قبل تطبيق وتنفيذ الخطط التطويرية. وأوضح مثال على ذلك الطاقة الاستيعابية المحدودة لمحطات”أدنوك” في التعامل مع حالات تبديل الإطار أو إصلاحه وتغيير زيت السيارة. والجميع يشاهد الازدحام الملحوظ أمام منافذها، وبالذات في مختلف مناطق العاصمة. والبلدية مدعوة للاهتمام بتوفير البدائل السريعة والمعقولة لضمان نجاح مبادراتها للحفاظ على نظافة وجمال المدينة ومظهرها الحضاري، ومن دون ذلك يعيدنا للمربع الأول، ويجهض مبادراتها الرائدة. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae