بدأ العام الدراسي، ومعه بدأت الشكوى والنجوى والدعوى والأنين من عبء الأحمال الثقيلة التي يتكبدها الآباء، الذين ساءت حظوظهم وسجلوا أبناءهم في بعض المدارس الخاصة، التي فتحت أبوابها وأفواهها بشراهة على أصحاب البقالات، وصارت المتطلبات تنهال على رؤوس من شاخت رؤوسهم هماً وغماً، وأول الطلبات رفع الرسوم المدرسية تحت ذرائع وشرائع، يسنها أصحاب المدارس وأربابها. والناس يبحلقون ويحملقون ويحدقون، في فراغات وسيعة، حيث لا توجد حلول، ورغم استمرار الوضع السيئ هذا، إلا أن يد الجراح لم تصل إلى مكمن المرض، لأن وزارة التربية تحاول وأحياناً تستنكر، وتشجب هذا التصرف اللامسؤول من قبل المدارس الخاصة، لكنها حتى الآن لم تفكر في التدخل فعلياً لكبح جماح هذا الغليان، ولم تستخدم بعد أسلحتها كافة وصلاحياتها لوقف هذا التعدي، ولا ندري لماذا، وربما يقول المسؤولون في الوزارة لقد تدخلنا وعاقبنا وحاسبنا لكن هؤلاء لا يرتدعون. ونقول: الوزارة لديها الحق في أن تبسط سلطانها على كل متجاوز للقانون، ولديها الحق في أن تمارس دورها، في الوقوف مع مطالب الناس وألا تدعهم وحيدين يصرخون في وادٍ غير ذي زرع، ولا صدى لأصواتهم ولا مدى لأطماع أصحاب المدارس الخاصة، وحتى نكون صادقين في بعض المدارس الخاصة. استغلال حاجة الناس أمر سيئ، والسكوت عن الاستغلال أسوأ، والتهاون مع المستغلين يفتح شهيتهم في طلب المزيد وفرض قيود من حدود على أولياء الأمور بحيث لا يستطيعون أن يتخلصوا ولا يتملصوا من هذه الأصفاد، حتى ولو اقترضوا، وصاروا أسرى للبنوك.. بعض المدارس تطالب أولياء الأمور أن يشتروا الملابس المدرسية من محال معينة وبأسعار باهظة، وبعضها تفرض على أولياء الأمور أن يبتاعوا الأدوات المدرسية والدفاتر من مكتبات ذات مواصفات خاصة، ويقولون لهم إن هذه الدفاتر التي تلائم طريقتنا في التدريس، لا توجد إلا في المكتبة الفلانية في المنطقة الفلانية في الشارع الفلاني.. وقد يضطر أولياء الأمور إلى الإذعان للأوامر، فيبحثون عن هذه المكتبة التحفة ويقفون طوابير بانتظار الدور، لأن الحشود البشرية زحفت مضطرة صوب هذه المكتبة تنفيذاً للأمر، وهنا يبدو صاحب المكتبة الآسيوي امبراطوراً متوجاً، بغرض ما يرتئيه ويشتهيه من أسعار، ولا عارض يردعه ولا اعتراض يمنعه، لأنه أصبح الوحيد في هذا الكون الذي يبيع هذا النوع أو ذاك من الدفاتر، وبالتالي لا بد له أن يزم بوزه، ويقطب حاجبيه، كطبيب جراح، زائر فريد من نوعه.. والغلابة لا يقولون إلا وبشِّر الصابرين.. والله المستعان.. علي أبو الريش | marafea@emi.ae