التقرير المصور الذي عرض على شاشة إحدى قنواتنا المحلية منذ عدة أيام والذي تناول تفاصيل القبض على أقدم مشعوذة أو ساحرة أفريقية في الإمارات أثار الكثير من الأحاديث واهتمام المجتمع ففي يوم عرضه تلقت أجهزة البلاكبيري وسائر الهواتف المحمولة سيلاً من الرسائل تحض على متابعة التقرير وبعد عرضه تحول التقرير المصور الى مادة متناقلة تنتهي بعبارة حسبي الله على من تقوم بسحر الرجال للسيطرة عليهم !! مع أن التقرير لم يورد أن الساحرة كانت متخصصة في هذا النشاط السحري حصرياً فقد كانت هناك إشارات الى وجود لوازم تخص النساء والأطفال كالثياب والأحذية مثلاً !! إن التطرق لهذا الموضوع تحديداً وفتح ملفه بهذه العلنية الجريئة أمر يحسب للقائمين على القناة وأخبار الإمارات تحديداً، خاصة ونحن مجتمع إنساني يعج بثقافات وجنسيات لا حصر لتبايناتها الثقافية، وعليه فمن الطبيعي أن نجد فيه الكثير من الظواهر السلوكية المتباينة والمختلطة كوجود المشعوذين من كل الجنسيات والسحرة ومدعي مضاعفة الأموال بالسحر والأطباء المزيفين، والراغبين في الثراء السريع والراكضين خلف أوهام السعادة والحب والإنجاب والكسب بأسهل الطرق، وأسهل الطرق هي تلك التي تقود ضعاف النفوس وضعاف الإيمان وضعاف الهمم الى أبواب هؤلاء المشعوذين والسحرة من أحفاد هاروت وماروت. ألم يطلب المذيع من الساحرة في التقرير أن تعمل لأخيه عملاً يجعله يحصل على وظيفة مرموقة وراتب كبير دون أن يكلف نفسه عبء الدوام !! كان طلباً أقرب الى محاكمة مجتمع يعتقد بعض أفراده أن الحصول على المراكز والمناصب أمر متاح بالمال والطرق الملتوية وأن الأمور بالتستر والخطأ ممكن أن تستمر وأن عجلة المجتمعات يمكن أن تسير قدماً وبشكل طبيعي بالنوم والكسل والتقاعس وغير الاستحقاق وأن الإنسان غير المناسب يمكنه بحفنة مال أن يتبوأ المكانة التي لا يستحقها، كان التقرير يحاكم ذهنية بعض شرائح المجتمع أكثر مما يحاكم مشعوذة وجدت في جهل الجهال وحماقة الحمقى وانعدام إيمان البعض طريقاً لجني الأموال بأيسر الطرق !! لن يدعي أحد بأنه تفاجأ بما جاء في التقرير، وبانه لم يصدق أن في الإمارات من لا يزال يؤمن أو يلجأ لهكذا طرق من أجل الوصول لغاياته، فالجهل ليس جهل القراءة والكتابة والعمى ليس بعمى العيون ولكنه عمى القلوب ذلك أنه “لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” فنحن منذ كنا أطفالاً نسمع في مجالس النساء عن تلك التي ستذهب لتسأل عما إذا كان هناك من عمل عملاً لزوجها أو تلك التي ستذهب لعمل عمل يجعلها تتحكم في زوجها وحين كبرنا قلنا كان ذلك من أمور الجهل ومخلفات الظلام وأن مدن الجامعات والمولات والإنترنت لا تحتمل أكثر من سحر التكنولوجيا والعولمة فسمعنا من تقول لأخرى لماذا لا تعملي لزوجك عملاً تسيطرين به عليه فلا ينظر لغيرك إن كنت لا تعرفين الطريق فأنا اعرف سكك هؤلاء جيداً !! وقد ذهبت تلك مع هذه على ما يبدو وتم المراد! “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” ولا يجتمع إيمان الانسان بالله مع إيمانه بقدرة ساحر على تغيير أقدار الله، لكن هذه العادة واحدة من أقدم عادات الإنسان على وجه الأرض وقد كانت زوجة الرئيس الأميركي ريجان تلجأ للمشعوذين في البيت الابيض كما يلجأ لهم كبار القوم في كل مكان للأسف. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com