بعض الكلمات في "العربية" تحمل عدداً كبيراً من المعاني يدعو إلى الإعجاب والدهشة، لا سيما تلك الأفعال كثيرة الشيوع والذيوع مثل: يعمل ويقوم ويضع وغيرها. كلمة (يعمل) في اللغة العربية مثلاً تحمل عدداً من المعاني المتعددة والمستعملة على نطاق واسع فنقول: "عمل خيراً" أي بمعنى فعل، و"عمل بالقانون" أي طبقه، و"عمل على نشر الكتاب" أي سعى لنشره و"عمل في مصنع، وعمل تاجراً أي صنع أو مهن، و"عمل بجد" أي اشتغل أو تصرف أو قام بالعمل .. وهذا التعدد في المعاني موجود وملموس في كلام العرب نثراً وشعراً وموجود في القرآن الكريم فقد وردت ألفاظ كثيرة بمعان كثيرة. فكلمة "عمل" وردت في قوله تعالى: (وأمّا من آمَنَ وَعَمِلَ صَالحَاً فَلَهُ جَزَاء الْحسْنَى) و(وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بين يديهِ بإذْن رَبه) و(لمِثل هَذَا فَلْيَعْمَل العَامِلون) و(أمَّا السفينة فكانت لمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِيْ البحر). (لاَ يَسْبقُوْنَهُ بِالْقَوْلِ وهم بأمْره يعْملون). (يَعْمَلُونَ لَه مَا يَشَاء مِنْ مَحَاريْبَ وتَمَاثيل وجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) وفي كل آية من هذه الآيات معنى خاص لكلمة (عمل) لا يتطابق مع المعنى الآخر، وإن تقارب أو تشابه بعضها. ولا شك في أن التعدد في معنى (عَملَ) الفعل يتبعه تعدد معنى المصدر "عَمَلْ". يقال النُّسَالُ والنَّسِيلُ لما يتساقط من وَبَرِ البَعير وَريش الطَّائر، والعُصَافَةُ مَا يسقط من السُّنْبُل كالتِّبن وغيره، والمشَاطَةُ ما يَسْقط من الشَّعْر عند الامْتشَاط، والخُلاَلَةُ ما يَسْقُط منَ الفَم عند التَّخَلُّل، والقُرَاطَةُ ما يسقط من أنْف السِّرَاج إذا عَشِي فَقُطِعَ، والبُرَايَةُ مَا يَسْقُطُ مِنَ العُودِ عِند البَرْي، والخُرَاطَةُ مَا يَسْقُطُ منه عند الخَرْط، والنُّشَارَةُ مَا يَسْقُطُ مِنَ الخَشَبِ عند النَّشر، والنُّحَاتَةُ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ عند النَّحْت، والفَسِيطُ والقُلامةُ ما يَسْقُطُ مِنَ الظُّفْر عند التَّقْليم، ويقال بُرَايَةُ العُود، وبُرَادَةُ الحَديد، وقُرَامَة الفُرْن، وقُلاَمَةُ الظُّفْر، وسُحَالَة الفضَّة والذَّهَب، ومُكَاكَةُ العَظْم، وفتَاتَةُ الخُبْز، وحُثَالَةُ المَائدَة، وقُرَاضَةُ الجَلَم، وحُزَازَةُ الوَسَخ. أحمد شوقي: لا تنادوا الحصونَ والسُّفنَ، وادْعُوا العـ ــــلم يُنشىء ْ لكـــم حصونــاً وسُفْنـــــا إنْ ركــــبَ الحضـــــارة ِ اختــــــرق الأرْ ضَ، وشـــــقّ الســـــماءَ ريحـــــاً ومُزْنا وصَحِبْنـــــاه كالغبــــــارِ، فـــلا رجْـ ــــ ــــــــلاً شدَدْنـــــا، ولا رِكابـــــاً زَمَمْنــا دان آبــــاؤنـــــــــا الزمــــــــانَ مَلِيـــــّاً ومليـــــَّاً لحـــــــادثِ الـــــدهر دنـــــَّا! كـــــم نُباهِي بلحْـــــدِ مَيْتٍ؟ وكــم نحـ ــــــملُ من هـــــادمٍ ولــــــم يبنِ منّا؟! قـــــــد أتى أن نقول: نحـــن، ولا نســ ـــــمع أبناءنـــــا يقولـــــون: كنـــــــَّا! إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae