لماذا قال ما قال، وماذا لو قال أحد مدربي فرقنا مثل هذا الكلام، سواء كان فريقه كبيراً أو صغيراً.. في أول الجدول أو في القاع؟ أقصد بالطبع التصريح المثير للجدل الذي أطلقه البرتغالي جوزيه مورينيو، أشهر مدربي العالم وصاحب أكبر الإنجازات في تاريخه التدريبي، وقائد ريال مدريد، أحد اثنين، هما أكبر وأعتى فرق المعمورة على الإطلاق، والذي يضم في صفوفه لاعبين تبلغ قيمتهم الإجمالية 450 مليون يورو، أي قرابة مليارين و500 مليون درهم. ما الذي ينقص مورينيو حتى يطلق هذا التصريح، وحتى يقول إنه لا يوجد لديه فريق في الوقت الحالي.. ألم يدرك أنه يقود النادي الأغنى على وجه الكرة الأرضية، والذي بلغ دخله السنوي الشامل في الموسم الماضي 514 مليون يورو بعيداً عن حسابات الربح والخسارة، وهو أعلى دخل مالي لأي مؤسسة رياضية في العالم في أي لعبة، والأهم، ألم يدرك أن لديه نخبة من النجوم الذين لهم معجبوهم في كل أنحاء العالم، وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو، وألم يخش تأثير هذا الكلام الناري على معنوياتهم، ولو كان الأمر كما يرى، فكيف بدأ الموسم ببطولة «سوبر» انتزعها بجدارة وبأداء استثنائي من طرف الإبداع الثاني، برشلونة. ما قاله مورينيو جاء عقب خسارة فريقه أمام أشبيلية في المباراة الأخيرة بالليجا، وتضمن انتقاداً لاذعاً للاعبيه، مشدداً على أن الفريق الملكي لم يلعب حتى الآن، سوى مباراة السوبر الإسبانية فقط، وأنه لو كان الأمر بيده في المباراة الأخيرة، لقام بتغيير سبعة لاعبين دفعة واحدة، الأمر الذي أطلق باب التكهنات حول هؤلاء السبعة، والأربعة الذين كان سيبقي عليهم، والغريب أن رونالدو جاء خامساً، ما يعني أنه لم يكن من الذين نالوا رضا المدرب، في وقت أثارت تصريحات اللاعب نفسه قبل المباراة الكثير من «البلبلة». المدرب البرتغالي الذي حصل خلال مسيرة امتدت 12 عاماً على 20 لقباً وحقق الفوز في 396 مباراة من بين 573 مباراة لعبها حتى الآن، ويقود نادياً عالمياً، لم يجد حرجاً في أن يطلق تلك العبارة، والتي لو أطلقها مدرب لدينا لقامت الدنيا ولم تقعد، ولاتهمنا المدرب بأبشع الاتهامات، والبحث عن «شماعات»، وقد حدث لدينا في مناسبات عدة، أن تحدث مدربون عن رغبتهم في البناء وبأن فرقهم تحتاج إلى عمل كبير، فنالهم ما نالهم من النقد وربما التجريح، ولو قال مدرب لدينا ما قاله مورينيو، ربما لم يسلم من ألسنة لاعبيه أيضاً، بينما لم نسمع في الريال أن لاعباً هاجم مدربه أو شكك في النظرية التي طالت الجميع واتهمت الجميع. صحيفة “آس” المدريدية، في استطلاع لها، استثنت كاسياس، وبيبي، وسيرجيو راموس، وتشابي ألونسو من غضب مورينيو، لكن المدرب نفسه، لم يستثن أحداً وإنما هاجم الجميع، وقد انصاع الجميع، وصمت، فأمام الهزيمة ليس من حق أحد أن يتكلم، على الأقل في «الليجا» وليس عندنا. أما لماذا قال ما قال ولماذا صمت من صمت؟، فلأنه الاحتراف، الذي لا يعترف هناك إلا بالفوز، وطالما خسرت، فتوقع الكثير، وانتظر الحرب، فمن يأخذ لا بد أن يعطي، وفريق الملايين يجب أن يكون على قدر ما دُفع فيه، وإلا فإنهم فعلاً بحاجة إلا تغيير، وليتنا نتعلم. كلمة أخيرة: ليست الكرة وحدها هي التي نحتاج إلى أن نتعلمها من غيرنا محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae