تعلن العديد من دوائرنا المحلية التوسع في خدماتها الإلكترونية سعياً لتحقيق استراتيجية الدولة في تنفيذ مبادرات مشروع”إدارات بلا ورق”، وهي المبادرات التي تعبر عن المستوى الحضاري والمتميز للأداء الحكومي. كما يجسد الحرص الرفيع على حسن إدارة الموارد البشرية وتوظيف الطاقات لجهة عدم إشغال الموظف بكم لا طائل له من الأوراق والمستندات، لا تضيف للمعاملة، وإنما تعقد انسيابية حركتها. ناهيك عن دور تلك المبادرات في توفير الوقت والجهد على المراجعين، والأبعاد البيئية لها، إلا أن بعض الجهات تتعامل مع هذه التوجهات والمبادرات على طريقة” خطوة للأمام.. قفزات للوراء”. ونحن نجد تداخل الأوراق المطلوبة لإنجاز معاملة هنا مع أخرى هناك، بطريقة تدفع المراجع للتساؤل حول فعالية ما يجري، ومدى توافقه مع الخطط الموضوعة لتعزيز الاعتماد على البوابات الإلكترونية. ولعل أسطع مثال لما نقول ما يجري في”مواقف” عند استصدار أو تجديد تصاريح السكان، حيث يطلب من المراجع عقد إيجار موثق من بلدية أبوظبي، التي تطلب بدورها شهادة من”أبوظبي للتوزيع” بأن له اشتراكاً في خدمات الماء والكهرباء، والأخيرة تئن تحت وطأة ازدحام المراجعين سواء في المكتب الرئيسي في شارع النجدة أو مدينة زايد. وبعد أن يعود المراجع إلى “مواقف” ظافراً بالمستندات المطلوبة، يفاجأ بأنها تطلب منه شهادة أخرى بأن لديه اشتراك ماء وكهرباء. على الرغم من علمها بأن بلدية أبوظبي لا توثق العقود في “توثيق” من دون شهادة الماء والكهرباء، ولا تكتفي البلدية بإبراز آخر الفاتورة، وهي وثيقة رسمية بأن المعني بالأمر مشترك منتظم في سداد ما عليه من التزامات تجاه الشركة. هذا مع افتراض أن المراجع يتعامل مباشرة مع المالك. أما إذا كانت معاملته عن طريق مكتب وسيط فتترتب على الأمر رسوم إضافية، ووقت إضافي لإنجاز معاملة التصريح، لا يعترف به مراقبو” مواقف” الذين يسارعون لتحرير مخالفة عدم تجديد التصريح مع الدقائق الأولى من صباح اليوم التالي على انتهائه من دون وجود فترة سماح، كالتي أعلنت عنها “مواقف” ولم تنفذها على أرض الواقع. وأوردت على ذلك مثالاً في واقعة المهندس الأجنبي الذي وجد مخالفة على زجاج سيارته حررت في الساعة الثانية وخمسين دقيقة من فجر اليوم التالي لانتهاء التصريح!. ولعل من أطرف ممارسات “الأداء الإلكتروني” في “مواقف” أن يطلب الموظف من المراجع “اللف بسيارته لفتين” أو يهيم بها في الشوارع لمدة لا تقل عن ساعتين، ريثما يُفعل التجديد في”السيستم”، على الرغم من أن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من ضغط زر” الإدخال” على جهاز الكمبيوتر!!. إن دوائر البلدية والنقل وأبوظبي للتوزيع، وغيرها من الجهات، مدعوة للتنسيق بينها، لتخفيف العناء عن المراجع، وتسهل وتيسر إجراءاته بتفعيل الربط الإلكتروني بينها، واعتماد الشهادات والوثائق فيما بينها، بحيث لا تعيد هذه الجهة طلب المستندات ذاتها التي طلبتها الجهة التي قبلها، كما أشرنا في حالة استخراج أو تجديد تصريح السكان، إذ لا يعقل أن يسكن شخص في عقار من دون خدمات ماء أو كهرباء، طالما أن العقد باسمه، وطلب التصريح كذلك، سواء كان مواطناً أو مقيماً!!. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae