تحاصرنا الجهات بتعاويذ من حرفوا وجرفوا وزيفوا وغرفوا من مياه ضحلة حتى أصيبوا ببلهارسيا الفكر فاشتكوا وادعوا وقالوا إن الدين هو الحل.. نقول ونعم بالله ولا حل إلا حل الدين ولكن أي دين يبتغي هؤلاء وأي حزب يريدون؟ الدين الذي نريد هو دين الله الذي أنزله على عباده، على يد رسوله الكريم، والحزب هو حزب الوطن بتاريخه وتراثه وثقافته ورائحة عرق الذين أسسوا وشيدوا وبنوا وأنشدوا نشيد المطر لوطن الحب والدرر، وطن العشاق الذين وضعوا على نحر الوطن القلائد والقصائد ورصعوا مشاعر الإنسان بأحلى الوشائح وجعلوا الوطن حديقة غناء يشدو بها الطير ويعلو الغناء باسم الحياة واسم الكون والناس أجمعين. لذلك نشعر بالأسى عندما يخرج من بين ظهرانينا من يشذ ويستلذ بالانحراف عن صراط الوطن ويغرد خارج السرب وينعق وينهق ويحمق ويمرق ويغلق نوافذ الفكرة ويزعق كأنه الموسوس، ويطرق أبواب حرب البسوس، ويذهب بعيداً في النواحي المعتمة، ويشهق في غمهمة وهمهمة كأنه الرذيلة المفعمة، كأنه الوسيلة المهشمة، كأنه الحيلة المحطمة، كأنه الغاية القاتمة، كأنه الوشاية الآثمة، كأنه البؤس والرجس والنجس والنحس. نشعر بالاشمئزاز من قوم شاخت قرائحهم فما ربحت غير الحقد والحسد والبغض والكمد والكره والنكد والانحطاط والرمد كأنه في أعناقهم حبل المسد، كرهوا الحياة، كرهوا أنفسهم، كرهوا الوطن بل هم كتلة من وهن وحزن، وهم الرمح المتقدم لخلايا وشبكات تبعث باشعاعاتهم السامة عن بعد مستغلة غفلة وجهالة من اعتقد أنه الوصي الولي والنبي الأبي الذي يملك صكوك الغفران يهبها لمن يريد أن يهب ويمنعها عمن لا يريد له غير الغبن والسأم. نشعر بالسخرية من تفكير أناس لا يتعدى اخمص القدمين هو أشبه بذبابة خائرة حائرة بين مزبلتين هو أشبه بنكتة خائبة تتقاذفها ثلة من مجانين، هو فكر ضيع البوصلة فنام على خاصرة الضياع، متوهماً أنه ابن جلا وطلاع الثنايا. نشعر بالاستفزاز من فكر داهم الحلقات المفرغة حتى داخ وناخ وشاخ واسترخى مرغماً عند حافة الشيخوخة مخرفاً مجدفاً مترادفاً مع الشيطان بشنآن يخطب ود المهزلة بمهزلة، متجاوزاً حدود المعضلة، متجاوباً بكل بلاهة وسذاجة مع الجلجلة والبلبلة. نشعر أننا أمام تفكير فارغ من غير تدبير يسير بخبط عشواء يتخبط بلا حذر ولا محاذير، يتصور أنه القوة المثلى وأنه الطاقة الأجلى وأنه اسكندر كبير وأنه فيثاغورس صاحب فلسفة التصاوير وأنه الفاتح والشارح والناصح والناضح والكابح، يتصور أنه كل ذلك ولا شيء هو غير غيمة ونقمة وعتمة وظلمة وقارورة مثلمة وجريمة آثمة، لا شيء هو غير احتباس حراري، يقيننا أنه سيزول بجهود كل صادق ومخلص يحب الوطن ويسعى جاهداً لتنظيف بيئته من التلوث. علي أبو الريش | marafea@emi.ae