وكأن القدر أراد أن يكافئ من سعى، فاختار الفريقين اللذين حلا في المركزين الثالث والرابع بدوري الدرجة الأولى(أ)، الظفرة والشعب، وجانب من كانا في عالم المحترفين، الإمارات والشارقة، فلمّا فرطا فيه أو فرط فيهما لم يعد بإمكانهما العودة. صعد الظفرة والشعب ولم يبق الشارقة والإمارات، لنكون على موعد مع موسم بلا “ملك” وبلا “صقور”، فالغلبة كانت لـ”فارس الغربية” و”الكوماندوز”، ولا يمكن القول بعد هذا الماراثون و”حرق الأعصاب” إلا أنه صعد من يستحق، وبالنظر إلى سيناريو إسدال الستار على “الرباعية”، فليست هناك أسباب خفية، وإنما صعد من أراد ومن تواصلت لديه تلك الإرادة، لا من توقع أن يعود بعد أن استسلم كثيراً لليأس والهبوط. الظفرة والشعب خاضا “الرباعية” بالروح ذاتها التي كانا بها في دوري الدرجة الأولى (أ)، حتى لو استبدلا من استبدلا واستعانا بمن أرادا، فالأهم أن تلك الروح ظلت قائمة وظلا في سباق إلى أعلى، بينما في المقابل وعلى العكس منهما كان هناك من اعتاد “النظر إلى أسفل”، فالشارقة والإمارات هبطا بالفعل، شئنا أم أبينا، وسواء كان للأهداف دورها في تحديد الصاعدين، لا يمكن إغفال تلك الروح التي لازمت الشارقة والإمارات في نهاية الموسم الماضي، لأن الواقع كان يقول إن كفة في ميزان “الرباعية” تضم فريقين واصلت السير والبناء، أما الكفة الأخرى فكانت تريد النهوض ولملمة الأنقاض. والحقيقة أن الدورة الرباعية وعلى الرغم من قصرها، إلا أنها اختزلت الكثير من إثارة الموسم في أيام، وكانت وجبة كاملة الدسم، وجاءت الجولة الأخيرة غاية في الدراما التي حبست الأنفاس حتى اللحظات الأخيرة، وتأرجح معها عشاق كل فريق بين الأمل والرجاء، وفي النهاية صعد من كافح وثابر واجتهد، وهي معان وإن صحت على الجميع، إلا أنها عناوين أبرز في الظفرة والشعب. ما حققه الظفرة والشعب ليس قليلاً، وانضمامهما إلى ركب المحترفين يجب أن يكون له ما بعده، وعليهما استثمار هذه الدفعة المعنوية الهائلة التي حصلا عليها دون كل فرق الدوري، وهذا الإعداد النموذجي للموسم، وتلك الجاهزية التي يتفوقان بها على الجميع، وأعتقد أن الدورة الرباعية سيكون لها أثرها على الفريقين المتأهلين، والواجب أن يكون أثراً إيجابياً وألا يركنا إلى الإرهاق أو يظنا أن الموسم انتهى بالنسبة لهما، فالواقع أنه بدأ للتو. أما فرسان الغربية، فلهم في التاريخ القصير زمن جميل عليهم أن يستعيدوه، ولهم في “الرباعية” التي انتهت أمس الأول درس بليغ، أحسب أنهم استوعبوه، ولهم محبون بامتداد المسافة من الزعفرانة إلى المنطقة الغربية، ورصيد النجوم كبير، ففي الفريق قامات بإمكانها كما حققت الأمل الصعب في وقت قصير، أن تبقى، وأن تثبت أن عودة «فارس الغربية» هذه المرة هي “أول السطر”. وألف مبروك للشعب هذه الفرحة التي انتظرها طويلاً منذ هبوطه، قبل أن يعود وينتصر لأحلامه .. وألف مبروك لنجم القرن ودرة كرة الإمارات عدنان الطلياني “بو حمدان”، وها هي الكرة تنحاز للنجم في مهمة الإنقاذ وهو أقل ما تعطيه لمن أعطاها كثيراً، وبث لها أشواق الفن العالي سنوات وسنوات، واليوم ليس عليه أن يستريح وإنما يستخرج البداية من رحم نهاية سريعة كان على موعد فيها مع السعادة. كلمة أخيرة: القدر كان رحيماً أيضاً بالأخوين «بنزرتي»، فلم يرد التفريق بينهما. mohamed.albade@admedia.ae