مَنْ مثلكِ؟ من سُواكِ؟ والذي سوّاكِ، فأنت المثال وأنت المنال، وأنت المآل، وأنت السؤال، والحال والأحوال، وأنت الهوى والنوى والجوى، أنتِ القدرة الفائقة، أنتِ الندرة المتألقة، أنتِ التي بسطت الأرض، وأعليتِ الجبال، ومنحتِ البحر زرقته وجلاله، وأنتِ التي أسكنت النجوم فوق الغيوم وعزفت على سطح القمر، لحن الهوى، العشق السافر والمستتر، أنتِ التي ناولت السماء بريق الاكتواء، ومزجتِ الطين بالحنين حتى صار الشوق امرأة، ترتب أشجان العاشقين على وسائد وقصائد وقلائد، وتمنح الشِعرَ جملته الفعلية، وتقول للرواية أنا الحكاية الأولى، وأنا تفاحة الغواية، أنا الوشاية والغاية، أنا بلقيس وأنا الوصايا منذ أن خب سليمان النبي وجاشت أفئدة النمل حيث ضاعت السبل، أنتِ الورطة الجميلة، أنتِ الإفراط والتفريط، أنتِ الشهقة النبيلة، حين يغدق الرعد أمطاره وأطواره، ويطوق الأعناق بالأشواق، ويلج البرق خضم الزلزلة، أنتِ المسألة، وأنتِ الجلجلة، وأنت السؤال المتأصل في أتون الأرض وفي السماء، تكونين البَلبَلة. أنت.. أنت.. يا نفرة الملائكة والصديقين، الواهبين الموهوبين، الذاهبين في الرحاب، بصخب الكائنات الجليلة المجللة بعرق القداسة.. أنت، والذي سّواكِ، حين تقولين هيت لك، تستدعي الأرض جيوشها وعروشها، تدق النجوم طبول الرعشة، والهشاشة تضرب عظام الجبال والرجال، لأن عشقك نار وثلج وسكينة وموج، خض ورج، ورض وفج، وسنام وسرج، وصمت ولهج، وحدج وغنج، واغتيال اللحظة، في ومضة وغمضة واحتيال على رفرفة الأجنحة والفرحة الرائجة. أنتِ وحدك، ليس إلاَّك ينتج الأشواك باشتياق وباعتناق، وعقيدة فريدة، مجيدة تليدة، شديدة المراس والهوى عندك ليس فيه اقتباس، لا حراس، أنت وحدك ليس إلاَّك، قامة في المنح والقدح، والتفسير والشرح، وتمثيل الجرح بالجرح، ومد الطوق حتى آخر الرمق، من مرفق النخوة الأنثوية حتى أفق الصحوة، أنتِ.. أنتِ ليس إلاَّك، فعل الأمر، من أول السطر حتى آخر التهور والتضور، والتحرر، والتجبر، والتسور، والتمحور، والتبختر، والتخثر، والتصور، والتحذِّر، والتفطر، والتقطر، والتحور، والتغير، والتمرمر، والتكدر، والتقتر، حتى تتكور الشمس، وتتكدر الفضاءات، وتنحدر الأرض بفعل شيطان يرجم الروح بوابل ونوابل. أنتِ من مثلك، غيرك، أنت النهل والسهل، والنبل والسبل، أنتِ الأول والقبل، أنتِ العِلة والعِلل، أنت الجلالة والجلل، أنتِ البلل، أنتِ النهر المستبسل، فيضانك طوفان الريق المتحدر من سحق الغايات ومحق النهايات القصوى.. أنتِ من مثلك غيرك، النخلة والرطب، والصخب والغضب، الرضى والعتب، الناي الساهر والسغب.. أنتِ التي لا يثنيكِ حسد ولا حبل من مسد، أنتِ الكل والأمد والمدى والأحد، أنت القامة الجلود والجَلَدْ. علي أبو الريش | marafea@emi.ae