شهدت منارة السعديات في العاصمة أبوظبي الاثنين الماضي العرض الأول للفيلم الوثائقي “مس ريبرزنتيشن” أو “سوء تمثيل”، لمخرجته ومؤلفته جينفر سيل نيوسوم، والذي نظمته مؤسسة الشيخة سلامة بنت حمدان آل نهيان، في إطار فعاليات النسخة الثالثة لمنتدى المؤسسة، الذي يعد منبراً نوعياً مهماً لتبادل الأفكار وتحفيز الإبداع والتعلم وإذكاء روح النقاش والحوار والمناظرة، من خلال الحلقات والندوات وورش العمل التي ينظمها، ويستضيف خلالها متحدثين كباراً ومفكرين عالميين بارزين لمناقشة أبرز القضايا المعاصرة ونظرة المجتمع لطرق ووسائل معالجتها.
الفيلم يناقش الصورة المغلوطة التي تقدم بها المرأة في وسائل الإعلام، والمصاعب التي تتعرض لها، والتحديات التي تواجهها.
والفيلم الذي عرض العام الماضي في مهرجان سان دوني بفرنسا، شهد عقب عرضه هنا نقاشاً واسعاً حول الدور المتميز للمرأة في مجتمعنا المحلي، حاضراً ومستقبلاً. وهنا في الإمارات يعد امتداداً لدور كبير قامت به في الماضي، ومنذ ما قبل قيام الدولة، باعتمادها على النفس على الرغم من قسوة ظروف الحياة وتفشي الأمية. واليوم وقد تحقق لابنة الإمارات فرص واسعة ومكانة رفيعة ووجود ملموس جنباً إلى جنب مع الرجل في مختلف ميادين العمل والمشاركة، إلا أنها بحاجة إلى المزيد من الدعم والمؤازرة والتشجيع، بإبراز وسائل الإعلام لقصص النجاح التي حققتها بعيداً عن الصورة المغلوطة التي تحاول تصوير المرأة ليس في الإمارات فقط، وإنما في مجتمعاتنا الخليجية والعربية، على أنها مجرد إنسانة اهتماماتها لا تتعدى كتب الطبخ ووسائل التجميل ودورها مجرد تربية الأطفال والاعتناء بالبيت.
وقد لعبت ما تسمى بالمجلات النسائية في عالمنا العربي، وكذلك المسلسلات والأفلام، دوراً كبيراً في نشر وترويج تلك الصورة النمطية عن المرأة التي كرمها ديننا الحنيف، وحرصت قيادتنا الرشيدة على توفير الظروف والموارد كافة لأن تكون مساهمة فعالة في بناء المجتمع، لتقوم بدورها كاملاً في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الإمارات، وأصبحت معها عضوة في المجلس الوطني الاتحادي وسفيرة لبلادها، ناهيك عن المراكز والمناصب القيادية التي تشغلها في مختلف دوائر ومؤسسات الدولة.
كما أن من أسوأ مظاهر الإساءة للمرأة، ما نشهده من إصرار وكالات الدعاية والإعلان على تصوير المرأة على أنها أداة للترويج لهذه السلعة أو تلك، حتى وإن لم تكن السلعة خاصة بالمرأة. إعلانات تصورها بأنها مجرد جسد ومفاتن للفت الأنظار، وطعم لاستدراج الرجل أو المشتري عموماً. وقد دعوت وفي أكثر من مناسبة- عبر هذه الزاوية- الجمعيات النسائية لمخاطبة الفرع المحلي للاتحاد الدولي للإعلان لوقف هذا التشويه والإساءة البالغة للمرأة، ولكن من دون جدوى. لذلك نتمنى أن تساهم النقاشات التي شهدها منتدى مؤسسة الشيخة سلامة بنت حمدان آل نهيان، عقب عرض الفيلم الوثائقي “مس ريبرزنتيشن”، في بلورة تحرك فعال يساعد في تغيير تلك الصورة المغلوطة عن المرأة سواء في وسائل الإعلام كافة أو في التصدي لما تتعرض له من إساءة مع سبق الإصرار والترصد من قبل وكالات الدعاية والإعلان. وتحية للمنتدى لاختيار هذا الموضوع الذي يُعنى بصورة المرأة الأم والأخت والزوجة وشريكة الحياة وزميلة العمل.


ali.alamodi@admedia.ae