رغم مرور عدة أيام على بدء العام الدراسي الجديد، والذي انطلق الأحد الماضي، تتزايد الشكاوى يوماً بعد يوم، وربما تستمر لأسابيع مقبلة حول غياب الصيانة في المقام الأول للكثير من المباني المدرسية وأجهزة التكييف فيها، ناهيك عن عدم انتظام تنقلات المدرسين وتسلم الكتب وغيرها من الأمور المباشرة بضمان بداية عام دراسي بكل سلاسة ويسر وانسيابية. ولكن يبدو أنه قدر طلابنا أن يتلقوا في الأيام والأسابيع الأولى من كل عام دراسي جديد درساً مجانياً في سوء التخطيط وعدم احترام الالتزامات والمواعيد.
قبل أن نودع العام الدراسي الماضي، والأيام التي تلت ذلك غمرتنا التصريحات الوردية المتفائلة التي تحدثنا عن استعدادات غير مسبوقة وعمليات صيانة مبكرة لضمان حسن استقبال الطلاب في أجواء مريحة وبيئة مستقرة، لضمان عدم هدر أي يوم أو وقت من الوقت الثمين. ولكنها كانت مجرد وعود، وعند ظهور المشاكل والنقص هنا أو هناك، كانت المبررات جاهزة ترمي باتجاه مقاول الصيانة الذي أخل بتعهداته ولم يستكمل ما وعد به. وهي مجرد أعذار للتبرير لن تقدم أو تؤخر شيئاً في حقيقة وطبيعة الدرس المجاني الذي يتجدد، ويغرس في نفوس هؤلاء الصغار نظرة سلبية حول عدم احترام الوقت أو التعهدات والالتزامات. وهو درس قاس وصادم للتربية التي لها الأولوية قبل العملية التعليمية برمتها. تلك كانت صورة مما جرى في جانب يتعلق بأعمال الصيانة والإجراءات الإدارية في مختلف المناطق التعليمية بالدولة من أبوظبي ودبي وحتى رأس الخيمة والفجيرة مروراً بالشارقة وعجمان.
في أبوظبي العاصمة وقع شيء لم يكن في حسبان الطلاب ومدرسيهم أن مدرستهم قد اختفت من قوائم مدارس مجلس أبوظبي للتعليم، وهم الذين كانوا قد ودعوا العام الدراسي الماضي فيها قبل شهرين على أمل أن يلتقوا فيها مع بدء العام الدراسي الجديد. ولكن المدرسة أخليت لصالح جهة خاصة لأن المجلس ارتأى ذلك. وبحسب النظرة الاقتصادية للمجلس فإن مثل هذه المدارس لم تعد تغطي تكلفتها التشغيلية، بسبب نقص أعداد الطلاب المواطنين فيها، وبالتالي من الأوفر والأجدى للمجلس أن يتم تحويل الطلاب وتوزيع المعلمين على مدارس أخرى مجاورة، وتأجير المبنى المدرسي لشركة تعليمية خاصة تشهد مدارسها إقبالا من الطلاب والأهالي. وكانت الهيئة الإدارية لمثل تلك المدرسة التي تمت تصفيتها من قبل أنفقت عشرات الآلاف من الدراهم قبل نحو شهرين لشراء تجهيزات مكتبية وقرطاسية وتعاقدوا مع الموردين. وكانت تعمل بصورة اعتيادية قبل أن تغلق أبوابها للإجازة الصيفية.
واستغربت عدم توقف المجلس، أمام الضغط الذي ستشهده الفصول الدراسية في المدارس التي نقل إليها طلاب مدارس” التصفية” أو” الدمج” بحسب التعبير المفضل لدى أهل “الرؤية” في إدارة المجلس؟، وهم الذين يحملون ليل نهار هذا العامل مسؤولية تدني مستوى التحصيل الدراسي في هذه المدارس!!. ليعودوا بعد ذلك في النتائج النهائية للعام الدراسي ليحدثونا عن نجاح “المعايير” العالمية”المختلفة “على مستوى المنطقة والعالم”.
والواقع أن الأمر بحاجة لشجاعة للإقرار بأنه درس إضافي ومجاني للطلاب في سوء التخطيط والتقدير يتجدد كل عام دراسي.


ali.alamodi@admedia.ae