من آن لآخر، تطل علينا قضية «اللجان الفنية»، فهي الغائبة الحاضرة، وهي الحاضرة الغائبة، باعتبارها من يخطط ويدرس ويقيّم، ويقول هذا صحيح وذاك «خطأ»، لكنها غائبة معظم الوقت، إلا من اجتماعات شكلية من آن لآخر، تطالع فيها تقارير هذا المدرب أو ذاك، إضافة إلى تقارير الأجهزة الإدارية، على الرغم من أنها- من وجهة نظري- ربما مقدمة على مجالس الإدارات، وهذا الأمر ينطبق على الاتحادات والأندية، فتلك اللجان هي «إكسير العمل»، والمنوط بها تسيير المركب، ووضع الفرق على الطريق، وإقالتها من عثراتها إن كانت هناك كبوات. وبحكم متابعتي للشأن الرياضي، محرراً ومرافقاً للعديد من البعثات، ومهتماً بالشأن الرياضي عامة والكروي خاصة، أقول إن اللجان الفنية لدينا بها كثير من الكفاءات، لكن هناك كفاءات أخرى مبتعدة أو مبعدة، وفي أماكنها هناك أشخاص ربما لا علاقة لهم بهذه اللعبة أو تلك، ففي بعض الأحيان، يتحول الأمر إلى مجاملة لـ«فلان» أو «علان»، حتى تتحول اللجنة إلى «دكان» لا يعلم من فيه، طبيعة السلعة التي يبيعونها أو يخططون لاستثمارها. ليست الحوارات الأخيرة، هي التي فجرت القضية، ولا الطرح من هنا أو هناك، لكن رياضتنا إن كانت تنشد الطريق، وتبحث عن التطور، عليها أولاً أن تسند الأمر إلى أهله، وأن تتجرد من أية مسوغات تكفل لشخص ما أن يشارك في أعمال لجنة، لمجرد أنه «خفيف الدم»، أو قريب لفلان أو من فلان.. علينا أن نضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فالرجل الفني معلوم ما هي مؤهلاته، ومسؤول العلاقات العامة له مؤهلاته، وقس على ذلك بقية اللجان، كالاستثمار والتسويق والإعلام وغيرها، لأن ذلك فيه راحة للجميع، وهو وحده كفيل بإنجاح العمل. ومن خلال رحلتنا مع الفرق والتي يمكن القول إنها ليست بالبسيطة، تعرفنا على مسؤولين عن فرق، لا علاقة لهم بها، ومسؤولين عن ألعاب لم يمارسوها، ولم يكن دورهم إدارياً فحسب، وإنما كان فنياً بحتاً، فكيف لفاقد الشيء أن يعطيه، وكيف لمن لم يمارس الكرة أن يقيّم لاعباً أو مدرباً، أو يتعاقد مع أحدهما أو يقرر الاستغناء عن أي منهما بدعوى أنه لا يفيد الفريق. نحن بحاجة في هذه «اللحظة الفارقة» أن نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، وأن نهدم ما توارثناه من عادات ثبت فشلها، وأعتقد أن بإمكاننا الآن، الحكم بشيء من الصواب على الثمار التي جنيناها، فلدينا نماذج مشرقة، حققت الكثير، والسبب أن الأمور موكولة فيها لأهل الاختصاص، وفي المقابل هناك آخرون يراوحون أنفسهم، إن لم يكونوا يتراجعون للوراء، والسبب أنهم أنفسهم لا يعرفون ماذا يفعلون، ولا كيف السبيل إلى ما ينشدون. لا ننكر وجود الكفاءات، وهي بحمد لله كثيرة، لكن لا تنكروا معي وجود المجاملات، وفوضى التعيينات، وهو ما لا نريده إن كنا نتطلع فعلاً إلى المنصات، أما أن نظل في كل مرة «نطنطن» بعبارات ونسكر الرأي العام بمسكنات، فهذا معناه أن للفشل أعوانه وتربته الخصبة. كلمة أخيرة: من يعرف خير ممن لا يعرف.. إن لم يحقق النجاح، فهو يدرك الأسباب . mohamed.albade@admedia.ae