نشأت في كنف هذه المدينة الآسرة قبل أن تنتقل أسرتي إلى ضواحي أبوظبي بني ياس، ومن ثم الشامخة… أبوظبي الطفولة والنضج، أعرف أبوظبي هذا ما أردده بتباهٍ.. أعرف شوارعها وإشاراتها.. أعرف شواطئها القديمة والحديثة حتى هواها… في هذه المنطقة سكننا وفي تلك المنطقة تربينا… لم يفصلني عن أبوظبي شيء بوجود جسر المقطع وحصنه الصامد وسط البحر.. لكن كنت دوماً أشعر بأن هناك شيئاً لم آره في مدينتي، فالمرآة لا تعكس كل شيء.. وقررت وأحد إخوتي أن نأخذ فترة نقاهة واستجمام، والتقت اختياراتنا على عاصمتنا الحبيبة على الرغم من استنكار البعض «أنتم في أبوظبي ما الجديد إذا في الأمر؟». حزمنا الأمر وحقائبنا معه، وبحثنا في الإنترنت عن المنتجعات في أبوظبي، وانطلقنا حاملين معنا خريطة لأبوظبي التي نعرفها ونحفظها، تلك التي تسكن وجداننا. منذ انطلاقنا ونحن في حالة اندهاش كامل، فحصن المقطع لم يعد مجرد معلم يمثل تاريخنا، بل هو منظر آخذ وانعكاس صورته على مياه البحر استوقفتنا لأخذ بعض الصور السريعة، كيف صمد كل هذه السنين؟ هل هناك قصص يخبئها؟ ما هي المواد التي استخدمت في بنائه.. إلخ. نسيت أنني ابنة هذه المدينة، وتجولت في شوارعها التي تشع بالأضواء، وتضج بالحياة، وتهبك الهدوء هناك شيء ما يدفعك لتنظر حولك، آراها اليوم كما لم أرها من قبل، أجناس مختلفة وسلام - «أدامه الله»- يعم المكان، السكون والسكينة تحوم في مساء أبوظبي. أخذتنا عجلة الأيام ورتم الحياة السريع من أن نحيا في أماكن لها عروق في كل ما فينا، ننتمي إليها وتنتمي إلينا، أن تحب المكان وتنتمي له شيء وأن تعرفة وتتعرف إليه شيء آخر، هناك دائماً زوايا داخلنا لا نعرفها أو لا ندركها إلا متأخراً. شعور جميل أن تكون سائحاً في مكان تعيش فيه، وأن تقف بالقرب من أماكن ألفتها لتقط لك صوراً جديدة تشهد على زمن جديدة يمر على هذه الجزيرة المتجددة، هناك روح الأصالة في سماء أبوظبي فمبانيها الشاهقة لا تخفي المعالم الأثرية الموجودة فيها. هناك أماكن لأول مرة أتعرف إليها، وفعاليات أشهدها للمرة الأولى، نعم كنت سائحة محليه اندهشت بمدينتها. نحتاج أحياناً أن نقف في الأماكن التي نمر منها، ونحتاج أن نلتقط صوراً للمكان نفسه حتى ندرك أن المكان مثل البشر قابل للتغير والنمو، كما نحتاج أن نحمل حقائب السياح وننمسك خريطة تشرح لنا كيف نستمتع في الأماكن التي نحيا فيها. انتهت الرحلة ولم تنتهي حالة الدهشة فمازالت السائحة في داخلي لم تشبع من مدينتها الآسرة. ameena.awadh@admedia.ae