عندما تدخل هذه الأيام الى أي مركز تجاري في البلاد، تجد أعداداً غفيرة من الناس ومن جنسيات وعرقيات مختلفة جاؤوا جميعاً من أصقاع الأرض، من الشرق والغرب والشمال والجنوب، سواحاً وزواراً وبحاثين عن المعرفة والاستكشاف والسياحة، وباحثين عن الثراء وعن تحقيق الأحلام، وعن مستقبل أفضل وحياة جديدة أفضل لأحبائهم وأولادهم.. يذهلك مشهد الحشود، فتقرر النجاة بنفسك من الازدحام، غير أن طفلك يصر على ارتياد ساحة الألعاب، تخترق الصفوف بين الحشود، تجد لطفلك مكاناً يلهو فيه وتتركه في أمان، تتوقف لتراقب وتتأمل، الأطفال يلهون ويلعبون ويمرحون لا يهمهم اللون ولا الشكل أو الدين، طفلك ينسجم معهم ويختلط بينهم، فتنظر الى المشهد العام، العائلات التي توزعت بين المطاعم وساحة الألعاب، الأولاد والبنات في سن المراهقة وهم يتبادلون نظرات الإعجاب أو التحدي أمام دور السينما، الشباب الذين يحتلون المقاهي ويختلسون النظر الى الجميلات من كل لون وطيف، وذلك العامل البسيط المنهمك في الحفاظ على نظافة المكان، وأولئك الفتية الذين يتسابقون على التقاط الصور التذكارية برفقة الشاهين المعروض في البهو الفسيح ضمن أجنحة تعرض تراثنا الثري الأصيل، الأذان الذي يرفع عبر مكبرات الصوت في المول، كل اولئك المصلين المصطفين بانتظار دورهم للدخول الى المصلى للصلاة، كل ذلك التنوع العرقي وذلك الانسجام والتآلف والانتظام، صور تعكس لك ثقافة هذه البلاد القائمة على الكرم والعطاء والثراء والوسطية والاعتدال والتسامح وحفظ الحقوق والحريات، كأن هذا المول يعكس نموذجاً مصغراً عن دولة الإمارات، ويعكس روحها النبيلة الأصيلة التي تستوعب الجميع، ولا ترفض احداً حتى لو كان من الجائرين.. قد تتساءل: ترى ما الذي يجمعهم هنا في هذه البلاد بالذات، قد تقول إنه عصريتها، حداثتها، اقتصادها وثراؤها، غير أن هناك دولاً كثيرة أكثر ثراء وحداثة..! تجزم بأن الحُب هو وحده يمكن أن يجمعهم، وتوقن بأنه الحُب الذي غرسه مؤسس هذه البلاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الحُب الذي سقاه خليفة العطاء بما ينثره من خير يعم كل أرجاء المعمورة، فينمو حباً وعشقاً لهذا البلد الطيب في قلوب الناس فيهفوا إليها طلباً للمزيد من الدهشة والسعادة والبركة والخيرات والفرص، ولمزيد من تحقيق الأحلام والآمال والطموحات، باختصار الحب لهذه البلاد لأنها جنة الله في الأرض.. وهنا يزيد يقينك بأن بلاداً فيها خليفة وبيتها متوحد أبداً لن تضام، وستبقى القافلة تسير بأمان والكلاب تعوي في الظلام.. bewaice@gmail.com