كان اللقاء الذي جمع العديد من الكتاب في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة يوم الخميس الماضي، بمثابة مبادرة جميلة ورائعة وهادفة، حيث دُعي الكتّاب الذين أصدرت لهم الدائرة أعمالاً له صلة بالثقافة والكتابة والفنون، وجاءت الدعوة لتتيح فرصة التقاء الكتاب فيما بينهم وخاصة بين الكتاب والكاتبات الجدد. ومثل هذه الأفكار تعد محرضا على التواصل والتحاور في الشأن الثقافي والاطلاع على كل جديد عند الإخوة والأصدقاء من الكتاب، بل حتى التعرف على الدائرة الثقافية ونشاطها وعملها الدؤوب في خدمة الثقافة والمعرفة. من الجانب الآخر، أظهر لنا هذا اللقاء أن هناك العديد من الإصدارات الجديدة والقديمة أيضاً لم يطلع عليها الكثير من الكتاب وهي المعضلة الجديدة اليوم في النشاط الثقافي، كما يظهر هذا اللقاء أن الجميع يجتهد في الإصدار، سواء عبر المؤسسات الثقافية المختلفة أو النشر الخاص، ولكن للأسف لا تصل هذه الإصدارات إلى القراء بل حتى الكتاب أنفسهم لا يقرأون إنتاج بعضهم بعضاً، نظراً لأن مثل هذه الإصدارات تظل بعيدة عن تناول الناس أو حتى المبدعين والمعنيين بالثقافة والكتاب. في الإمارات لا توجد مكتبات تروج للإصدارات الجديدة ولا يوجد تسويق صحيح للكتاب، وحدها معارض الكتاب السنوية تحاول جاهدة أن تقدم الكتاب عبر فترة قصيرة هي مدة المعرض، وقد لا تُتاح الفرصة للجميع أن يطلع على الإنتاج الثقافي أو الفني خلال تلك الفترة نظراً لضخامة المعرض وتعدد دور العرض والمكتبات خاصة في وجود دور عرض عربية كبيرة تأتي بالجديد من الإصدارات وتتفوق على المكتبات والمؤسسات المحلية بضخامة الكتب وتنوعها. وذلك بالرغم من أنه في الفترات القليلة الماضية وبعد ظهور بعض المؤسسات المحلية المعنية بالكتاب بالبروز والمنافسة بالإصدارات النوعية الجديدة والترجمات الجميلة، ولكن هذه المؤسسات لا تصدر للكثير من الكتاب المحليين وإنما البعض منهم، ولذلك يظل الكتاب المحلي غائباَ وضعيفاً في التواجد ولا يجد من يعتني به ويسوقه. ثم إن التواصل الشخصي والجماعي عبر المؤسسات الأهلية قد قل كثيراً وضعف النشاط التبادلي في القراءة والاطلاع على كل جديد من المنشور المحلي، بينما في الماضي كان اللقاء وتبادل الكتاب المحلي بين الكتاب والقراء أكثر نشاطاً وأكثر تواصلاً، بل إن الجميع يحرص على الوصول إلى كل إصدار جديد مهما كان شعراً أو رواية أو مجموعة قصصية أو كتابات أخرى. بل إن هناك قراءات دائمة للكتب التي تصدر سواء قراءات نقدية أو تتبع للكتاب وعرضه على شكل قراءة في موضوع الكتاب الصادر. لقد شاهدنا في ذلك اللقاء الذي أقامته دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة الكثير من الإصدارات الجديدة والقديمة للكتاب المحليين، وقد أسعدنا أن الكثير من الكتاب الشباب والشابات خصوصاً قد تواجد بصورة كبيرة وهي مبشرة أن هناك أجيالاً جديدة تتواصل مع عالم الثقافة والكتابة. لكن ومع الأسف أن معظم تلك الإصدارات لم تصل إلى معظم الكتاب أنفسهم، وبقيت نائمة فوق الرفوف. هل يمكن أن نعيد تجربة القراءات المستمرة والتخصصية في كل ما يصدر من إنتاج محلي على نظير نادي القصة ونادي الشعر، ولكن بصورة شاملة لكل كتاب يصدر وبصورة دائمة؟ هذا هو الأمل. إبراهيم مبارك | Ibrahim_M barak@hotmail.com