الرجل طفل كبير، ورجل صغير، في حنايا الصدر الأنثوي يبحث عن جبلة التكوين يسأل عن شيء فيه التضمين، يحاور قلباً يكمن فيه الحنين، إلى كائن ظمآن لا يرويه غير الحنان يساور قلب امرأة، تملأ وعاء قلبه بشعور لا تغيب عنه شمس النهار، يناور أنثى أشبه بالأم، أقرب إلى حضن الطفولة الباكرة.
وفي زمن تم فيه تفكيك العلاقة الإنسانية بات الحنان شيئاً من المستحيل، لتستقيل المرأة من دورها الريادي، وتتقاعد عن قارعة الجفاف العاطفي، وتصير شيئاً من أشياء البيت الراكدة الجامدة، الخامدة، المتمثلة بدور الدمى والتماثيل وصور الحائط، والمشاهد المغلقة.
زمن أطاح الفطرة ليعلي من شأن الظواهر الصوتية والصورية، الذاهب بعيداً بمشاعر المرأة نحو غايات رمادية متبددة، متلبدة، متجمدة، متعددة المواهب في شأن الخروج عن وشم وشامة، ونعم وعلامة، وشيم وشهامة، وقيم واستقامة، ودوام حال واستدامة.
زمن خلخل وزلزل، وجلجل وقلقل، وبلبل وجدل خصلات الوعي بحبال ونبال، وجدال عقيم عديم، أثيم لئيم، زنيم رجيم، لا يبقي من العلاقة السامية ولا يذر، بل هو كطبق طين منكسر، أو دم بشري مندحر، أو ماء منهمر، أو شجر أعجف بلا ثمر، أو هو الاستحالة التي ما بعدها بصر.
زمن يطيح هوى النفس، ويثخن بالتجريح والتباريح، زمن يخصب الأفئدة بأسوأ النيات، ويخضب النفوس بأعتى السيئات، ويمارس تهوره وتضوره، وقهره وانكساره واندحاره وانتحاره، بكل فجاجة وبجاحة، ما جعل العلاقات الزوجية أشبه بالشركة المفلسة، أو القارب المتهاوي وسط أمواج عاتية سادية، عدوانية شرسة.
زمن استطاع أن يلون الحياة الزوجية بألوان الحمل الكاذب، والتهيؤات والتصورات الليلية، وكوابيس الأحلام المفزعة، فارتفعت وتيرة الطلاق، بل صار الطلاق كلمة تُقال على اللسان، كما تبوح الألسن بكلمة حب، ثم يصبح هذا الحب مجرد العقبة على قارعة طريق أعزل.
زمن الحب فيه الطلاق، سهمان باتجاه واحد، وفي لحظة واحدة، ثم ينتهي الحفل بمهرجان جنائزي يقوده شخصان، الزوج والزوجة، ومن خلفهما أسرتان مفجوعتان بالنهاية القصوى الأليمة.. زمن يتحدى الفطرة، ويقايض البقاء بفناء حياة زوجية بنيت على أكذوبة، وانتهت بمشهد حزين كأنه الموت.
غياب الدور الأسري الإيجابي، وبروز مشاعر استهلاكية فجة، واستئناف الإنسان لحياة قائمة على الربح والخسارة، وممارسة الزوجين دور لعبة المصارعة الحرة، كل ذلك أنتج حياة باهتة، ومشاعر ميتة، وأحاسيس تبدو وكأنها أعشاب شوكية. كل ذلك لا بد له وأن يقضي على شيء اسمه الحب بين طرفين يجمعهما الحنان.


marafea@emi.ae