من الأمور الكثيرة والكبيرة التي تنقصنا في حياتنا، خاصة نحن المجتمعات الاستهلاكية عدم التدبر في أشياء صغيرة في يومنا، والتي بإمكانها أن توفر علينا بعض العناء، وبعض الوقت، والكثير من المال، وعدم التدبير بحيث نستطيع أن نفرق بين الأشياء المطروحة أمامنا، فنميزها ونختار ما يناسبنا، ولكن بعد تعب السؤال والبحث وتنظيم الوقت، ولنضرب على ذلك مثالاً بسيطاً، الكثير منا يفكر في السفر في إجازة العيد، لكننا ننتظر إلى الأسبوع الأخير - وهذه عادة لم يقدر الكثير منا أن يتخلص منها، فترك المسائل إلى آخر لحظة شيء محبب رغم أنه يكلفنا الكثير- سفرة العيد المؤجلة للأيام الأخيرة، ستكلفنا أجوراً مضاعفة للتذاكر، وحينها سنلوم الشركات الوطنية، ولا نلوم أنفسنا، لأنها تستغل الظروف، ولا تراعي أبعاد خصوصية العلاقة بين أبناء الوطن وشركتهم الناقلة، متناسين منطق السوق، ومسألة العرض والطلب، وبالتالي بدلاً من أن تدفع العائلة الكريمة خمسين ألف درهم للتذاكر، ستدفع مائة ألف درهم، ولن تكفينا تلك الخسارة المجانية، بل سنضغط وقتنا، وربما خسرنا ساعات من التعب و"الترانزيت"، وبهدلة العائلة الكريمة حتى تصل وجهتها، والسبب عدم توافر أماكن على الطائرة في ذلك الوقت، الفنادق وسياسة الحجوزات المبكرة، يمكنها أن تجنبنا الدفع الكثير، وبالخدمات ذاتها، لكن ولأننا من ضمن طاقم السباقات الأخيرة ضد الوقت، "نوَزّي أنفسنا" أموالاً مضاعفة، والسبب غياب التدبر والتدبير، وبذلك تزيد أعباء السفر، وتزيد مصاريفه التي يذهب جلها في تفاصيل يمكننا تجنبها بالتخطيط والبحث والتقصي، فنحن إن سكنا في فندق واحد في لندن مثلاً، فسنظل مخلصين له أكثر من العاملين فيه، بحيث يتركه أولئك، ولا نتركه نحن، وكأن المثل العربي عندنا نص مقدس "الشيء الذي تعرفه، خير مما لا تعرفه"، طيب فيه فنادق جديدة افتتحت، وفيه عروض مغرية، وفيه حسومات خاصة للعائلات، وفيه امتيازات، "لا.. لا، خلنا على فندقنا اللي نعرفه"، ومما يزيد مصاريف السفر المجانية والخالية من التدبر والتدبير، أن بعض العائلات تسافر لكي تأكل، "ما في شيء ما تحب أن تتطاعمه، وتَزجّ في هالأولاد من أكل المطاعم السريعة، وآيس كريم وكيك وحلوى ومشروبات نافخة" ولا يسألون عن مطعم راق، يقدم وجبات معتنى بها، لأنه يتطلب حجزاً مسبقاً، وانتظاراً، وبعض "الأتيكيت"، "لا.. لا طبّه خله يولي، غالي على الفاضي"، وقيسوا على ذلك، يمكن أن نستأجر سيارات الفنادق الغالية، لأن الأولاد "ينَشّ كل واحد منهم على دوبه"، ونترك باص الرحلات الجماعية المبكر، وفائدة التعرف بشعوب مختلفة، وثقافات مختلفة، ومعلومات مفيدة عن البلد ومعالمه، "والله ما فاتكم شيء إلا المتحف"! وغداً نكمل.


amood8@yahoo.com