نصعد كل يوم ونهبط مع دورينا.. ليس فقط في الملعب، وإنما الصعود والهبوط الأشد يكون داخلنا، سواء كنا محللين، أونقادا أو حتى الجماهير، التي إما أنها تحتفل بفريقها بعد الفوز أو تصب نيران الغضب على كل من فيه، وما بين الفوز والخسارة، تتبدل المواقف بصورة عجيبة وغريبة، تفتقد في أحيان كثيرة إلى المنطق، وتسير بإيقاع، لا يجب أن تسير عليه، فاليوم نعيش احتفاليته بعبقرية المدرب «الفلاني»، وفي اليوم التالي، نهوي به إلى الأرض. المفروض أن يكون النقد، بالسلب أو الإيجاب، خاصاً بأداء المدرب أو اللاعب في مباراة بعينها لا يتجاوزها إلى غيرها، ولكن ما نشاهده ونسمعه، يقول إننا نتحول بسرعة «الصوت» والضوء معاً، ونتبدل في «غمضة عين» من الفرح إلى الحزن، ومن التفاؤل إلى اليأس والإحباط، ومن الرضا إلى السخط وربما الكراهية، وفي يوم نكون مستعدين لحمل مدرب على الأكتاف، وفي اليوم التالي مباشرة لا مانع من أن ندوسه بالأقدام إن تمكنا من ذلك، فالخسارة أصبحت كفيلة بأن تهدم تاريخ مدرب بالكامل. ولأننا بارعون في الكلام، ولدينا المقدرة على تحويل الأبيض إلى أسود والعكس، فنحن لا نعدم الوسيلة للتدليل على رأينا، والأدهى أننا نستخدم مبررات المدح التي سقناها بالأمس، لتكون مبررات النقد الشديد في اليوم التالي، فالمغامرة الهجومية التي فاز بها المدرب في المباراة السابقة والتي أبهرتنا تصبح «مخاطرة هجومية» غير محسوبة، دفع الفريق ثمنها، والتوازن بين الدفاع والهجوم يصبح غداً عشوائية، والمنظومة الدفاعية الحديدية التي «شيدها المدرب» بالأمس، لا مانع من أن تكون عنواناً للخوف حال الخسارة، والتغييرات تحتمل كل التفسيرات، وهكذا، أما الأسباب السبعة أو التسعة أو العشرة التي قادت الفريق للفوز، فببساطة لا تحتاج سوى أن تعكسها، لتظل كما هي، سبعة أو عشرة أسباب للهزيمة. ولعل من ينظر إلى دورينا، يجد الشواهد الكثيرة على ذلك، وعلى ما يعانيه المدربون بالذات من هذا التأرجح، وعدم وجود رؤية ثابتة، مبنية على أسس فنية، للحكم عليهم وعلى عملهم، فعن نفسي، أعتقد أنه لا أنا ولا أي ناقد أو متفرج، بإمكانه أن يصدر حكماً سليماً مائة في المائة على عمل مدرب، وإن لم يمنع ذلك، من طرح تساؤلات فنية، تبدو كالظواهر لا يختلف عليها اثنان. لعلكم تذكرون كيف كان حال الإيطالي والتر زنجا في بداية الموسم مع النصر، للدرجة التي أخرجت الرجل عن شعوره، مبدياً استياءه ممن يرشحونه كل يوم للرحيل عن بيت العميد، قبل أن تتبدل الأمور، ويصبح «المنقذ» لدى الكثيرين، وعلى عكسه، انظروا كيف كان فرانكي مدرب الجزيرة، وهو مدرب جيد جداً، وضعته الظروف اليوم في مرمى سهام النقد، مثلما حدث مع كيكي مدرب الفريق الأهلاوي، والذي لم يشفع له قدومه من الدوري الإسباني، لنصبر عليه كما ينبغي، ومن هذا الثلاثي إلى الأرجنتيني كالديرون في بني ياس وهيكسبيرجر في الوحدة، ومارادونا في الوصل وغيرهم من مدربي الدوري، يبدو المشهد عاماً ومكرراً، والقاسم فيه، هو نحن، الذين لا نصبر كما ينبغي، ونفهم في الكرة أكثر من المدربين. كلمة أخيرة: ليتنا نحكم على الآخرين، بالطريقة التي نتمنى منهم أن يحكموا بها علينا mohamed.albade@admedia.ae