لهفة النساء إلى الحناء من أجل جمال أنصع تجعلهن يقعن فرائس لدى صالونات التجميل التي لا تتوانى في مزيد من الإبهار، ولا تتورع عن كثير من الغبار الذي تضعه على أيدي ذوات الحسن والدلال. ولأن الموضة تستدعي مثل هذا اللون القاني على صفحات الأيدي البضة، فإن صالونات التجميل لا تكف ولا يجف معين أفكارها من الاختراعات المذهلة التي قد تصبح لاحقاً أمراً جللاً يلم بمن فكرت بالجمال على حساب عافية الحال، وبعد أن تصير الحناء المغموسة بالبنزين أو مشتقاته، وباء وداء عضالاً لا ينفع الندم ولا يفيد القول، ليت الذي كان ما كان. ولا تشفع بعد ذلك ولا تنفع الشكوى والدعوى لأن هذه المحال لا تفكر إلا بالربح، ولا يهمها إلا الفوز بالدريهمات الإضافية التي تتقاضاها مقابل ازدهار اللون الأحمر على الراحات اللدنة.
نقول للنساء الأُول شكراً وألف شكر لأياديكن التي دقت الورق الأخضر وطحنته بجهد ذاتي لاستقبال يوم العيد بفرحة الأحمر النابض حياة وحيوية بقدرة الأيدي والإرادات القوية، وشكراً لهن لأنهن يصنعن الفرح برائحة الأخضر الخضيب بأيدٍ رطيبة خصيبة، لا متكلله ولا متململة، ولا مستسهلة ولا مستبسلة باتجاه أسواق الجهد الرخيص.
شكراً لأولئك الأُول، العجيبات الرهيبات، الخضيبات بالحلم والأمل، اليافعات بالأمنيات وأجمل المقل، شكراً لأنهن لم يخضن معارك التجميل بضمير الغائب، ولم يحطبن في غابات التوحش الآني، الذي جعل من أيدي النساء طعماً ولقماً وهماً وغماً على من يعرف مدى ما تسببه صالونات التجميل من مآسٍ وكوارث على صحة النُهد الكواكب.
الوعي مهم، والحذر أمر لا بد منه حين تنوي النساء الذهاب إلى صالونات التجميل، فلا يمكن أن نلوم البائع ولا نلقي المسؤولية على عاتق المشتري، فالاثنان سيان يشتركان في جلب الخسارة الفادحة، إثر الإصابة بمرض جلدي، يحيل الفرحة إلى أقفاص العلل والأمراض التي لا شفاء منها. الوعي مهم في فهم ما تسببه مشتقات البنزين المغموس فيها الحناء من أمراض وأعراض لا يجدي بعدها التأوه والتفوه بكلمة آه. الوعي مهم ومن لا تفتح عينيها اليوم على الأسباب المؤذية ستغمضهما إلى الأبد، إن شب حريق اليد ألماً مضنياً وتشويهاً مؤذياً. فلا نقول لهن لا تذهبن إلى هذه الصالونات ولا نقول لهن أشبهن أمهاتكن في الإرادة، فذاك زمن ولى ولن يعود، ولكن نقول لهن كنّ يقظات ولا تلقين بأنفسكن إلى التهلكة فإن لأياديكن عليكن حقاً، فاحفظن هذا الحق، ولا تقايضنه بمسحة جمال مؤقتة وتندمن على فعل اقترفتهن بأيديكن.


marafea@emi.ae