الليلة قبل الماضية تدفقت جموع المصلين رجالا ونساءً على جامع الشيخ زايد الكبير لأداء صلاة التهجد أو القيام يتحرون ليلة القدر، وكلهم أمل بنيل أجر وثواب هذه الليلة العظيمة التي أكرمها الخالق بتنزيل كتابه الكريم دستورا وناموساً للمسلمين. وغصت قاعات الجامع وساحاته الخارجية بالمصلين في أجواء روحانية وإيمانية لا توصف.
لقد كان جامع الشيخ زايد الكبير وعلى امتداد شهر رمضان المبارك شعلة نشاط وعطاء مثمر باستضافته لكوكبة من العلماء والمقرئين، واستضافته آلاف مؤلفة من الصائمين في الخيام المكيفة المنتشرة في ساحاته والتي يفد إليها نحو عشرين ألف شخص يوميا للإفطار في مشهد يجسد غرس باني الجامع القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وسار على النهج قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. وفي صورة تشي بثراء مجتمع الإمارات وقيم التسامح والتراحم والتواد التي جبل عليها.
جامع الشيخ زايد الكبير يحظى برعاية خاصة ومتابعة متواصلة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وقد تحول لمعلم بارز يستقبل القادمين لعاصمتنا الحبيبة ومن كل مكان، وهو يقوم بدوره كمنارة إشعاع فكري وثقافي، تنشر وسطية الإسلام ورسالة وروح حسن التعايش والتسامح الذي باتت تمثله الإمارات، ويعبر عن قيمها وهويتها الوطنية.
لقد كانت مشاهد الليلة الماضية صورا مفرحة بهيجة، تصدرها إقبال الشباب على ذلك المكان الطيب المبارك، ويلخص الغرس الطيب وقوة الارتباط بالدين ورسالته السامية وقيمه الجميلة رغم تحديات العصر، ولاسيما من قبل أولئك الذين يريدون اختطاف جوهره السمح، والمتاجرة به، وألحقوا به من الأذى والتشويه الشيء الكثير. لقد كانت الدروس الرمضانية ومن قبلها جولات الوفود الزائرة من مختلف المشارب والنحل منصات ونوافذ لإبراز الصورة الحقيقة لهذا الدين القيم ودعواته السامية للتعايش والتسامح والتراحم، والحرص على تبادل المنافع وتواصل الحضارات والاستفادة من المعرفة الإنسانية لمصلحة البشرية جمعاء من دون تمييز للون أو عرق أو معتقد. أصبحت معه الإمارات أنموذجاً يحتذى به، وراية تخفق في ساحات العمل الإنساني.
وإذا كانت من كلمة، فالشكر والتقدير والاعتزاز بأداء إدارة المركز والشباب العاملين والمتطوعين والمتطوعات ورجال الشرطة والمرور والقوات المسلحة وغيرهم من الجنود المجهولين الذي تعاملوا مع هذه الحشود البشرية بكل رحابة صدر وسط الطقس الحار والرطوبة العالية، رغم سلوكيات البعض ممن يود لو بالإمكان أن يصل بسيارته إلى داخل المصلى، ويرى نفسه مهما.
واعتقد أن ازدحام الليلة قبل الماضية وتدفق أمواج من البشر على الجامع يمثل إضافة للخبرات المتراكمة لإدارة المركز للتعامل المستقبلي مع مثل هذه الحالات بصورة أكثر سلاسة ويسر و انسيابية. والله نسأل أن يديم علينا النعم، ويتقبل من الجميع الطاعات، ويجزي عنا خير الجزاء العاملين في المركز، وفي ميزان حسناتهم بإذنه تعالى.


ali.alamodi@admedia.ae