يلتبس الأمر عند العديد من دوائرنا عندما يتعلق بتوفير البدائل والخيارات للجمهور، فقد وُجدت تلك البدائل لضمان عدم حدوث فراغ أو أزمة لدى تطبيق أي إجراء جديد، يستهدف تنظيم المورد أو المنفذ الأساسي لتلك الخدمة. تلك بديهية يفترض ألا تكون غائبة عن تلك الجهات والقائمين عليها عند التطبيق، لئلا يجدوا أنفسهم في موقف «المصحح» و«المراجع»، ولا أقول «المحرج»، رغم أن الواقع يقول إنه كذلك.
فقبل أيام ومن خلال نشرة «علوم الدار» على قناة أبوظبي، أعلنت اللجنة العليا لتنظيم تجارة التجزئة في الإمارة أنها ستوفر قريباً بدائل للأهالي الذين تضرروا من حالة الإغلاق الجماعي لمحال البقالات غير المطابقة للاشتراطات والمواصفات التي اعتمدتها اللجنة، بعد أن منحتهم عامين كمهلة لتنفيذها.
كما جاءت تلك التصريحات في أعقاب الأزمة التي افتعلها أصحاب ومشغلو تلك المحال، وغالبيتهم العظمى من المستثمرين الآسيويين، بإقدامهم على الإغلاق الجماعي بصورة منظمة، كما لو أن هناك اتفاقاً بينهم لإجهاض وإفشال القرار، ووضع اللجنة في مواجهة الأهالي المتأثرين من غياب تلك البقالات، وبالأخص في المناطق الخارجية والضواحي الجديدة. ويبدو أنهم نجحوا في مساعيهم، ولو بصورة جزئية.
ووجدت اللجنة نفسها تغض الطرف، وتتساهل مع المحال التي أعادت فتح أبوابها شريطة التزامها باستكمال الاشتراطات المطلوبة منها.
اللجنة المعنية كان أمامها أيضا عامان خلال المهلة التي حددتها، وخلال المدة المقررة كان بإمكانها توفير البدائل، وأن تضع في اعتبارها أن تكون الأولوية للمناطق الخارجية والضواحي في مناطق، خليفة، ومحمد بن زايد، والشامخة، والعدلة، والفلاح، وغيرها من المناطق، بدلاً من الارتباك الذي ساد الموقف لأيام، قبل أن يظهر غير الملتزمين من أصحاب تلك المحال في صورة من نجح في إظهار قوته، وبأن الكلمة الحاسمة كانت له.
أسلوب غياب توفير البدائل كان واضحاً في ممارسة بلدية أبوظبي، وهي تمضي قدماً في تنفيذ خطتها لإخراج المحال الحرفية وتجارة قطع الغيار لخارج جزيرة أبوظبي. وبعد تنفيذ القرار والتزام أصحاب المحال به. لم تظهر البدائل الموعودة التي بشرنا بها ذلك المسؤول البلدي، وقال فيها إن أسطولاً من السيارات سيجوب العاصمة، ويكون متاحاً للجمهور بمجرد اتصال لطلب خدمة السباكة والنجارة وإصلاح الأعطال الميكانيكية البسيطة وتوفير قطع الغيار الاستهلاكية. وبدلاً منها ظهرت ممارسة غير صحية بانتشار فئات مهنية جائلة، ومنهم المقيم بصورة غير شرعية، أو غير المهني أصلاً، تعرض خدماتها غير بعيد من مبنى البلدية نفسها. والناس تقبل على خدماتهم، رغم مخاطرها.
ومن الصور الصارخة لغياب ثقافة توفير البدائل قبل الشروع في أية خطوة تنظيمية أيضا، سرعة «مواقف» في طلاء الأرصفة ووضع أجهزة التحصيل في المواقف العامة. مما جعل اللجنة التنفيذية تقر مؤخراً بانشاء خمسة مواقف طابقية ستوفر بدائل للسكان الذين ترهقهم رحلة البحث يومياً عن موقف للسيارة، رغم وجود تصريح بموقف يحتاج صاحبه لكثير من الحظ للوصول إليه.
الأمثلة بحاجة من الجهات المذكورة لآليات تفاعلية جديدة في التعامل مع احتياجات السكان والمدينة ضمن مساعيها لتحقيق التميز المنشود، وليس مجرد إصدار تعاميم وقرارات.


ali.alamodi@admedia.ae