علينا أن نقرع جرس العنف في المدارس، وهو ليس ذلك العنف الذي كان يتبعه المدرسون، فاليوم المدرس مغلوب، وخائف، وشخصيته مهتزة، فقد تغير حاله، وفككت الظروف أحواله، وأصبح مثل أي موظف حكومي مرتعب، لقد غابت تلك الهيبة والهالة عن مدرس اليوم، والعنف هذه المرة يتربى في طلبتنا، وينشأ في مدارسهم، خاصة في ظل غياب الرقابة المنزلية، واتكالية الأسرة على تحمل المدارس تربية أولادهم، لذا حمل بعض الطلبة السكاكين والسلاح الأبيض، وحتى البودرة البيضاء، وخبأوها مثلما يخبئون أجهزتهم الإلكترونية وهواتفهم، والسؤال من يفتش الطلبة قبل دخولهم المدرسة، هل هناك أجهزة إلكترونية منصوبة في مدارسنا؟ هل قادر المدرس أن يوقف طالب ثانوي، ويجبره عن التخلي عن هاتفه، وما في حقيبته؟ أم أن المسألة متروكة لحارس المدرسة الطيب؟ ثمار التسلح المدرسي نتجت عنه جرائم في المجتمع، وفيما بين الطلبة أنفسهم، فكم من طالب راح ضحية هذه الجرائم وهو في ريعان الشباب، إما للقبر، وإما للسجن، العين الحمراء على الطلبة، يمكنها أن تمنع دمع عيون أهلهم عليهم!
لقد أصبحت ظاهرة من كثر ما تكررت في الإمارات كافة، ظاهرة سقوط الأطفال من شرفات منازلهم، فبين الحين والحين نسمع خبراً هنا، وهناك، وباتت الإحصائيات السنوية تزيد من عام لآخر، ففي العام الماضي (2011) بلغت 12 حالة بمعدل حالة كل شهر، فتشوا عن مكمن الخطر، هل هي طريقة البناء، أم إهمال من الأهل، أو شقاوة من الأطفال، لا تهم المسببات حينها إزاء وفاة طفل بريء، كان يملأ البيت مرحاً وسعادة!
تعيين «جاك لانغ» وزير الثقافة الفرنسي في عهد «ميتران»، رئيساً لمعهد العالم العربي في باريس، لا يحتاج إلا للثناء، فهو من بقايا الرجال الموقرين في فرنسا، وشخصية عالية الثقافة، نأمل على يديه أن يشهد معهد العالم العربي نقلة نوعية، ويخرج من سباته الذي تتحمله دول العالم العربي ببخلها المادي عليه، وتدخلاتها غير المهنية في توظيف بعض من دبلوماسييهم العالة على العمل الثقافي، ففرنسا ما زالت وحدها تدفع نصف ميزانيته البالغة 24 مليون يورو، والعالم العربي الغني يظل يؤخر دفعاته، ويرحلها سنوات، هذه القلعة الثقافية والحضارية في باريس الرقي، لولا إصرار فرنسا لهدمت هذه القنطرة منذ زمن، ولا أحد من العرب بالى أو رفّ له جفن!
شيخ الفتنة، وباعث ريحها النتن، وحامل نارها، تسخر له الدنيا أمورها فيعتلي شرورها، يتساوى عنده الكرسي «البابوي» التلفزيوني، ومنبر المسجد الذي يعتليه بلا حمد، يزور البلدان المرشحة للفرقة، ونداء الطائفية، فيبارك الفتنة وأهلها، وآخر مطافاته وجهتها أرض الأكراد، فقط تذكروا حين تشتعل تلك الأرض الخضراء بنيران الأبناء، وينزف الوطن الأم قطعة بترت من جسده بسكاكين ثلمة!

amood8@yahoo.com