خلال الأيام القليلة الماضية، وقبيل أذان المغرب بقليل، تلقى عشرات الآباء وأولياء الأمور رسائل نصية من مجلس أبوظبي للتعليم، يبلغهم فيها بعدم قبول أبنائهم في المدارس التابعة له للعام الدراسي المقبل ما لم يسددوا الرسوم المتأخرة عليهم، والتي مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات، ليزيد هذا التبليغ مستلمي الرسائل حيرة، إلى جانب حيرتهم في مواجهة متطلبات عيد الفطر السعيد، وهو على الأبواب. ولكي تكتمل الصورة أمامنا، فإن هؤلاء الطلاب المعنيين بأمر سداد الرسوم المطلوبة عن ثلاثة أعوام دراسية، وبأثر رجعي، كانوا يدرسون في المدارس التي كانت تعرف بالمدارس المسائية التابعة لمجلس آباء منطقة أبوظبي التعليمية للطلاب الوافدين، وهم ينتمون إلى أسر محدودة الدخل، وتقديراً لظروف هذه الأسر، تم إلحاق هؤلاء الطلاب بمدارس المجلس بمكرمة سامية، إثر قرار سامٍ بإلغاء تلك النوعية من المدارس، لأنها لم تعد تواكب النهضة الشاملة التي تشهدها أبوظبي، فقد كانت تتخذ مباني قديمة متهالكة مقار لها، وتعتمد على كادر إداري تطوعي ومدرسين منهكين يعملون على فترتين صباحية في المدارس التي يتبعونها، وبمكافأة من الرسوم الرمزية التي كان مجلس الآباء يحصلها. وامتدت المكرمة السامية لتشمل سداد الرسوم الدراسية عن أعداد كبيرة من الطلاب والطالبات الذين تم إلحاقهم بمدارس مجلس أبوظبي للتعليم، حيث تولت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية سداد الرسوم المستحقة عن طالبي العلم، إلى جانب آلاف الطلبة والطالبات في مختلف مناطق الدولة. ومن متابعتي للأمر، عرفت من المؤسسة، أن الطلاب الذين شملتهم المكرمة السامية، وتولت سداد الرسوم عنهم، تم اختيارهم وفق قوائم رفعت من قبل المدارس نفسها. من جهتها، لم تحاول إدارات المدارس، وكذلك المجلس، تبديد ما ساد بين أوساط أهالي طلاب “المسائي السابقين” بإعفائهم من الرسوم، وانتظرت حتى تراكمت لثلاث سنوات، بما يعنيه ذلك من أعباء إضافية لأسر محدودة الدخل وأوضاعها المعيشية هشة، بل إن المجلس أطلق إشارات حول إعفاء الطلاب المتفوقين منهم من تلك الرسوم، حتى فاجأ المجلس هذه الإدارات والطلاب وذويهم بالتعميم الذي أصدره قبل أكثر من خمسة أشهر، وخلال العام الدراسي الماضي، بضرورة سداد الرسوم التي تراخى في تحصيلها أو توضيح موقفه النهائي منها، وأغلقت المدارس أبوابها من دون حسم الموضوع، حتى كانت هذه الرسائل النصية “الرمضانية” التي لم تختلف في منطقها عن أي مدرسة خاصة، ولا نختلف حول حقه في تحصيل ما يراه مالاً عاماً يتوجب توريده للخزينة العامة، وإنما حول الأداء الإداري الذي تسبب في ترك الأمور وعدم متابعتها، حتى تراكمت رسوم ثلاثة أعوام على كواهل تئن تحت وطأتها، خاصة لمن لديه ثلاثة أو أربعة من الأبناء في هذه المدارس. إن مجلس أبوظبي للتعليم مدعو إلى معالجة هذا الوضع الذي تسبب فيه، بصورة إنسانية تواكب حرص الدولة على دعم العلم وطلاب العلم، وتوجته مؤخراً بصدور قانون إلزامية التعليم الذي أقره مجلس الوزراء، ويشمل المواطنين والمقيمين دون استثناء. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae