إنها العشر الأواخر من الشهر الفضيل والتي ينبغي الاجتهاد فيها، وكثير منا يفهم العبارة بشكل خطأ، فتجدهم يجتهدون في التسوق والشراء وليس في العبادة والصلاة والقيام.. تجدهم ينسحبون من صلاة القيام للتسابق نحو الأسواق وكأنها قد تتبخر وتطير أو كأن البضائع قد تنفد فلا يبقى منها الكثير.. تذهب الى الأسواق هذه الأيام فتجد سباقا محموما على الشراء، وتجد نفسك تشارك في هذا السباق حتى لو كنت لا تعرف ماذا يشتري الناس ولماذا، لكنك تفعل مثلهم حتى لا يقال عنك إنك مختلف، فالحشر عند الناس عيد..! وفي الأسواق ترى العجب، فكما كان الناس يملأون عربات التسوق بالأطعمة قبل أيام، تراهم هذه الأيام يملأونها بالأثاث والملابس ومستلزمات العيد، وقد لا تصدق أن كل ذلك سيتم استخدامه، لكنك تعرف أن ذلك نتيجة تأثير ثقافة الاستهلاك السائدة، والتقليد والجري وراء كلام الناس، وترى الرجل الغلبان يسير وراء الركب العائلي وكأنه آلة صرف آلي متحرك، ما عليه إلا الدفع بالتي هي أحسن، وليس هناك أكثر من التجار استفادة من كل ذلك الإنفاق والإسراف والتبذير، لدرجة أنك تتمنى لو كنت في صفهم وليس في صف المتسابقين على الشراء..! وفي وسط كل ذلك التزاحم ترى كثيراً من الانتهازيين من الشباب ممن يزاحمون النساء والعائلات من أجل أغراض ليست بريئة، تراهم يلاحقون الفتيات، يسيرون خلفهن ببلاهة، ويتربصون بهن كالطرائد، ولكن اللوم يطال الطرفين، فبعض الفتيات يبدين الأسباب، ويرتدين الحلل والمساحيق الباذخة، ومثلهن قد يجدن في ملاحقة الشباب إرضاء لغرورهن فيشعرن بنشوة الانتصار، وأمثال هؤلاء الشباب يعانون من ضعف الإيمان وقلة الوازع الديني، وقد يرون في ابتسامة خاطفة أنهم مرغوبون، وكلاهما لا يضع اعتباراً للشهر الفضيل.. وفي الشوارع تتزاحم السيارات وقد تسمع من يسب ويلعن ويخرج يديه تهديدا ووعيدا، وقد يدخل بين الحشود شاب بسيارته الفارهة لا يقيم وزنا ولا اعتبارا لقواعد السير والمرور فيناور يمينا ويسارا معرضا الآخرين للخطر ولا تجد إلا أن تدعو الله بالستر والسلامة.. وعند محال الخياطين تجد التنازع والصراخ يهز أرجاء المكان، وكأن هناك صراعا من أجل البقاء، فتبقى منتظرا خشية أن تصيبك السهام الطائشة، والخياط الهندي يتمسك ويبرر ولا حياة لمن تنادي، وبعد قليل قد يتعرض للعقاب، لأنه لم يتقن عمله بالشكل المطلوب، ولم يصمم الفستان لتبدو الفتاة كعارضة أزياء، وقد يكون العيب فيها وليس في الفستان أو الخياط..! أمل المهيري | bewaice@gmail.com