نكتب كثيراً عن الممارسات والظواهر السلبية التي أفرزتها شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي كتويتر والفيس بوك، هذه الظواهر التي لها طبيعة أخلاقية وثقافية في المقام الأول أكثر من طبيعتها الاتصالية، نلمسها بشكل مباشر بسبب تعاطينا اليومي مع هذه الشبكات، بينما يقوم الكثير من الناس بفحص هذه المواقع وملاحظتها باستمرار لأسباب لها علاقة بالدراسة والتجارب والأبحاث ذات العلاقة بعلوم الاتصال، هذا الاهتمام يعود لحداثة هذه الممارسة الاتصالية في عالمنا العربي أولاً، ولعدم وجود ضوابط قانونية واضحة ومرجعيات محددة في حالة انتهاك الحقوق، ولأن التجاوزات قد تخطت كل الخطوط الحمراء المتعارف عليها، وبات أمر الانضباط مطلوباً حتى وإن رأى فيه البعض نوعاً من تقييد الحريات، هذه واحدة!! وهناك أمر آخر لابد من الوقوف عنده فيما يخص طريقة التعبير أو التحرر الكامل، أثناء ممارسة الخطاب الفضائي نفسه، فالمغردون في فضاء تويتر يعتبرون أنفسهم وحيدين داخل غرف مغلقة لا أحد يراهم أو يراقبهم، أو على الأقل يراقب النص الذي ينتجونه، وبما أن كثيرين منهم قد عانوا طوال أعمارهم من ضغط الرقابة الخارجية والذاتية والقبلية والبعدية، فإن وجود فضاء عام متاح للجميع على قدم المساواة، وهو في الوقت نفسه محل اهتمام واستقطاب كل شرائح المجتمع، إضافة لتمتعه بصفة نادرة لا تتصف بها بعض وسائل الإعلامية العربية: حرية التعبير الكاملة، هذا الفضاء بكل ما يمتاز به قد أوقع أغلبنا في ورطة كبيرة اسمها الحرية المشتبهة، أو الملتبسة الأقرب إلى الضبابية والحيرة منها إلى حرية التعبير!! في لحظة سابقة مفصلية وهامة كنا نطالب بالحوار العام، وبفتح قنوات التواصل عبر المؤسسات الثقافية الرسمية أو تلك المنبثقة من مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات والأندية والملتقيات وغيرها، وقد حاولت وزارة الثقافة في السنوات القليلة الماضية تأسيس مبادرة وطنية في هذا الاتجاه، تبناها وزير الثقافة الحالي فيما عرف بالحوار الوطني العام، وقد جمع لها مختلف مكونات الطيف الثقافي الوطني في الإمارات لمناقشة قضية ما أو أشكال ثقافي أو وطني معين، ولقد حضرت لقاءين منها، إلا أن المحاولة كانت تنقصها تغذية راجعة من قبل المشاركين والكثير من المراجعة، ومع ذلك يحسب للوزير أنه حاول أن يؤسس لفعل وطني مهم، فالحوار العام نافذة نور مهمة وضرورية شريطة أن نعرف متى وعلى أي الجهات نفتح نوافذنا. اليوم يلعب تويتر دور الفضاء العام المطلوب لأي مجتمع ولأي مثقف، لكننا ونحن نتحاور من خلاله لابد أن نعي جيداً أن هذه المواقع إما أن تستخدم كمواقع تواصل ودردشة وتسلية وتعارف لا أكثر، وهنا فلا خطأ في ذلك، لمن يعتقد أن مواقع التواصل يجب أن تتحول إلى ساحات معارك ومنصات إثبات للولاء والوطنية، هذه المواقع نحن من يتوجب عليه توظيفها وليس العكس، وإذا أردناها ساحات حوار فلنستفد من كثيرين من أهل المعرفة والسياسة والعلم والأدب، ولنطلق عبرها حوارات مفيدة وشيقة بعيداً عن التحريض والتشكيك والإشاعات. في هذه المواقع نخب فكرية واجتماعية واقتصادية وإعلامية وسياسية وأدبية، لديها الكثير من المعلومات والحقائق والإبداعات، علينا أن نستفيد منهم قدر استطاعتنا وألا ننشغل بالرد على التفاهات أو الانجرار في معارك خاسرة لكل الأطراف. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com