منذ أوقفت أجهزة الأمن في الإمارات خلية يشتبه في أنها تخطط لأعمال ضد صالح الدولة، وهناك حملة خارجية منظمة أعطت لنفسها الحق في التشكيك في القرار والتطاول على الإمارات تحت طائلة الدفاع عن الحريات، من دون أن تكلف نفسها عناء انتظار النتائج التي ستسفر عنها التحقيقات في هذه القضية التي تشغل بال الجميع. ومعظم ردود الأفعال والتعليقات التي تابعناها في الفترة الماضية تتناقض بشكل صارخ مع محيطها، ففي الوقت الذي يؤكد فيه أصحابها أن الموقوفين لا يعملون وفق أجندات خارجية وليس من أهدافهم شق وحدة الصف، نجد التصرفات مختلفة ومغايرة على أرض الواقع، وليس أدل على ذلك من الإعلان عن إنشاء حزب، كما ظهر به علينا شخص قبل مدة عبر رسالة فيديو! لا نريد إصدار أحكام استنتاجية ومسبقة، فالتحقيقات الجارية والقضاء وحده كفيل في النهاية بكشف الحقيقة، لكن في كل الأحوال لا يوجد دخان من دون نار، ولعل الدعوة للتحزب التي ظهرت أخيراً على السطح تكشف بعض التفاصيل حول هذه القضية. هذه الفئة هداها الله لا نعرف إلى أين تريد أن تصل، ولا ندري ماذا تتوقع أن تجني من وراء مثل هذه الأفعال والتي لا طائل منها غير خلق روح الفتنة، وسط مجتمع استطاع النجاح بفضل روح الاعتدال التي يتمتع بها، ووحدته مع قيادته في جسد واحد، لا يقبل أن تزرع فيه الأشواك. المروجون لفكرة الأحزاب لن يستطيعوا خداع أحد، لأن تجربة الأحزاب معروفة ونتائجها معروفة، تظهر بمجموعة من الشعارات في البداية، مثل الإصلاح ودعم الحريات، ومع الوقت تتحول إلى جهات متناحرة ومتصارعة لا هم لها غير تحقيق مصالحها التي تتوافق مع رغباتها، وتشكك بكل شيء آخر يتعارض مع هذه المصالح أو يصدر من الجهات المنافسة لها بغض النظر عن المصلحة العامة وما فيه خير الوطن وأهله. الأحزاب السياسية ليست منابر لدعم الحريات وتحقيق العدل والمساواة وخدمة الصالح العام كما قد يظن البعض، ولكنها كيانات مبرمجة للترويج لأهدافها وهي في سبيل ذلك مستعدة للكذب والمساومة وإحناء الرأس والدخول في صفقات مشبوهة عندما يلزم الأمر من أجل أن تحقق غاياتها ورغاباتها، وهذا ليس تجنياً ولكنه واقع يعبر عنه تاريخ اللعبة السياسية في كل مكان، وليس ببعيد ما حصل في مصر ويكفي تنصل حزب الإخوان من وعوده في غمضة عين من عدم رغبته في الحكم وخوض الانتخابات، إلى المشاركة فيها والوصول إلى السلطة. ورغم أن الإخوان لا يحتاجون إلى من يذكرهم بأن الكذب محرم في الدين إلا أنهم اعتبروه محللاً في السياسة! وطالما أنه يحقق مصلحتهم الحزبية فلا ضير منه، وربما يظنون أنه بقليل من الصداقات يمكن أن يزول الإثم وتحل البركة. salshamsi@admedia.ae