كنا الليلة قبل الماضية على موعد، في المجلس الرمضاني للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبحضور سموه، مع صورة زاهية بهية من صور جود الإمارات، والمحاضر الذي استضافه المجلس يتحدث عن تقنيات متطورة لصالح البشرية جاءت من ثمار شراكة بين المؤسسة الطبية التي يرأسها و”صحة أبوظبي”.
للوهلة الأولى، يخيل للمرء أنها محاضرة شديدة التخصص عن “تغيير مستقبل الصحة من خلال طب الأطفال”، إلا أن المحاضر الدكتور كورت نيومان أضاء مناطق لم تكن معروفة للكثيرين عن ثمار تلك الشراكة، وقطاف مساهمة أبوظبي عام 2009 في إنشاء معهد الشيخ زايد لتطوير جراحة الأطفال في العاصمة الأميركية واشنطن بمنحة قدرها 551 مليون درهم أي ما يعادل 150 مليون دولار.
الدكتور نيومان، وهو صاحب خبرة تمتد لنحو ثلاثة عقود في مجال طب وجراحات الأطفال، ويشغل منصب الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لطب الأطفال في واشنطن، والكائن في حرم مبنى معهد الشيخ زايد لطب الأطفال المتقدم، حرص على إبراز أثر تلك الشراكة في تعزيز الأبحاث الطبية بما يحقق أهداف الطب الاستباقي في محاصرة الكثير من الأمراض الوراثية وأمراض ما قبل الولادة والحد منها والسيطرة على الألم، وهذا الجانب على قدر كبير من الأهمية، خاصة أنه يتعلق بطب الأطفال، وكذلك التوسع في الاعتماد على التقنيات الجديدة، وفي مقدمتها “الروبوتات” التي باتت تجري أعقد الجراحات.
لقد كنا مع صور من ثمار تلك الشراكة وجود عطاء الإمارات العابر للقارات، والحضور يتابعون كيف استطاع باحثو المركز تطوير تقنيات تتيح التعرف إلى إمراض الأجنة قبل الولادة، والسيطرة على الألم بمعرفة مصدره عند الطفل، وقياس نسبة الأوكسجين في الدم عند الصغار، تأكيداً لمبدأ “الصحة في الصغر ضمانة في الكبر”.
وضرب نيومان مثلاً بحالة لطفلة مواطنة استفادت من تطور الطب الاستباقي، وقد أصبحت اليوم شابة تستعد لبدء تكوين أسرتها الخاصة. كما كنا مع صورة أخرى من صور تلك الاستفادة من خلال تشخيص حالة طفل مريض في الفجيرة، بينما الأطباء المعالجون يتابعونها على بعد آلاف الأميال من عيادتهم في المعهد بواشنطن.
وغبط المحاضر أبناء الإمارات؛ لأن بلادهم أول المستفيدين من التقنيات الجديدة التي توصل إليها الباحثون والأطباء في المركز والمعهد، وأصبحت اليوم في خدمة البشرية.
وللأمر أهمية خاصة إذا ما عرفنا أن ذلك المستشفى استقبل مئات الأطفال من الإمارات الذين يمثلون ثلث عدد التحويلات الطبية إليه، والتي تفد من أكثر من 50 دولة.
لقد كانت تلك المنحة من الإمارات، والتي اعتبرت أضخم مكرمة يتم تقديمها في مجال دعم جراحة وطب الأطفال بمثابة استثمار في المعرفة والأفكار العظيمة، وتعبير عن التقدير والوفاء للقائد المؤسس الذي يتشرف المعهد بحمل اسمه، وتعبر عن نظرته للثروة التي يجب أن تسخر وتوظف لكل ما فيه خير وسعادة الإنسان أينما كان من تمييز أو تفرقة بسبب اللون أو العقيدة أو العرق، وذلك غرس زايد طيب الله ثراه.


ali.alamodi@admedia.ae