النعمة التقنية عالية الجودة، والتي كان من المفترض أن تكون فتحاً إضافياً لخدمة الثقافة وسهولة وصول المعلومة إلى الناس في كل مكان، هذه النعمة حوَّلها السفهاء والمغرضون والمهرولون باتجاه الخراب، إلى نقمة ولعنة أصابت عقولهم قبل أن تصيب غيرهم .. فاليوم بحضور التويتر، تعددت أصابع الوشاة، وسعاة الشر المتأبطين حقداً وكراهية لأنفسهم ولمجتمعاتهم.. فالإشاعة، والخبر التافه، اختلطا بالحقائق حتى بدا الفضاء رمادياً باهتاً لا يلوم فيه غير هؤلاء أنفسهم لأنهم هم الذين يصنعون الكذبة، وهم يصدقونها، وهم ينقلونها ويشيعونها في كل مكان من الدنيا.
الهدف من التويتر هو توفير أداة تنويرية تثقيفية تفيد الناس وتساعدهم على فهم أخبار العالم، وتسعدهم، ولكن ما يفعله الجهلة والفارغون، والذين لا تنمو أفكارهم إلا على تزييف الحقائق وتشويه الوقائع، ولا تتضخم ذواتهم إلا بالتسويف والتجريف والتخريف، لأنهم بشر فقدوا الثقة بقدراتهم، وبالتالي لا بد من التحول إلى الخيال لصناعة واقعهم الذي يحبونه.
واليوم، تطرح في الواقع قضايا اجتماعية، حساسة ومهمة، تهم المجتمع بأسره، وتهم أشخاص ومصيرهم ونجد في المقابل هنا أشخاصاً جندوا أنفسهم للخوض في قضايا لا يعرفون عن مضمونها ولا تفاصيلها، لكنهم يتبرعون وبكل ثقافة وينشرون عبر التويتر أحداثاً ووقائع ما خطرت على بال بشر، ملفعة بالأكاذيب والدسائس، والتلفيقات التي لا تمت إلى الواقع بأي صلة.
والهدف من هذا كله، إشاعة البلبلة، والتشويش على عقول الناس وفرض واقع جديد يقوم على أنصاف وأرباع وأشباه الحقائق، واقع مأزوم بالأسئلة الغامضة والمبهمة .. في حين أن هذا المجتمع لا يحتمل كل هذه الشحنات، والاندفاعات والرغبات المغلفة بنزعات وأهواء، عدوانية شيطانية، مجتمع، مجتمع الثقافة الواضحة والصريحة، والشفافة، مجتمعنا مجتمع التأمت فيه العلاقات الاجتماعية على الحب، والوفاء لأرض وقيادة، هما جزء من نسيج الإنسان ونسقه الإنساني، الأمر الذي يجعل من تغاريد التويتر الشاذة شيئاً مقززاً ومنفراً، عندما يحاول البعض استخدامه كأداة هدم وتخريب لوجدان ما عرف غير الطمأنينة وانسجام المشاعر.
أما عن قضية الموقوفين والمتهمين في قضايا تمس أمن البلد، فإن التويتريين لم يقصروا، فقد أدلوا بدلائهم، وشطوا وحطوا واستنبطوا من بنات أفكارهم أحاديث تفوح منها رائحة الكذب والهراء والافتراء على الحقائق .. ولذلك، فإن الوعي مطلوب، فليس كل ما يلمع في التويتر ذهباً .. بل إن معظمه، حثالة ونخالة، من الواجب الإنساني والوطني قذفها في الزبالة.



marafea@emi.ae