يقال إنه ينبغي أن تكون في الرجل العظيم خصال من أخلاق الحيوان: شجاعة الديك، وتحنّن الدجاجة، وقلب الأسد، وروغان الثعلب، وختل الذئب. وكان يقال في صفة الرجل الجامع: له وثبة الأسد، وروغان الثعلب، وختل الذئب وجمع الذّرّة، وبكور الغراب. وكان يقال: أصلح الرجال للحرب المجرّب الشجاع الناصح. وقال شبيب الخارجي: الليل يكفيك الجبان ونصف الشجاع. وكان إذا أمسى قال لأصحابه: أتاكم المدد، يعني الليل. وقيل لبعض الملوك: بيّت عدوّك. قال: أكره أن أجعل غلبتي سرقة. وروي أنه لما اشتغل عبد الملك بمحاربة مصعب بن الزبير اجتمع وجوه الروم إلى ملكهم فقالوا: قد أمكنتكم الفرصة من العرب بتشاغل بعضهم ببعض، فالرأي أن تغزوهم في بلادهم. فنهاهم عن ذلك وخطّأ رأيهم، ودعا بكلبين فأرّش بينهما فاقتتلا قتالاً شديداً، ثم دعا بثعلب فخلاّه بينهما، فلما رأى الكلبان الثعلب تركا ما كانا فيه وأقبلا على الثعلب حتى قتلاه، فقال لهم ملك الروم: هذا مثلنا ومثلهم. فعرفوا صدقه وحسن رأيه ورجعوا عن رأيهم. وأوصى بعض الحكماء ملكاً فقال: لا يكن العدوّ الذي قد كشف لك عن عداوته بأخوف عندك من الظّنين الذي يستتر لك بمخاتلته، فإنه ربما تخوّف الرجل السّمّ الذي هو أقتل الأشياء وقتله الماء الذي يحيي الأشياء، وربما تخوّف أن يقتله الملوك التي تملكه ثم قتلته العبيد التي يملكهم. فلا تكن للعدوّ الذي تناصب بأحذر منك للطعام الذي تأكل. وأنا لكل أمر أخذت منه نذيرك وإن عظم آمن منّي من كل أمر عرّيته من نذيرك وإن صغر. واعلم أن مدينتك حرز من عدوّك، ولا مدينة تحرّز فيهم من طعامك وشرابك ولباسك وطيبك، وليست من هذه الأربع واحدة إلا وقد تقتل بهم الملوك. وقال بعض الحكماء ينصح: آمركم بالتقدّم والأمر ممكن، وبالإعداد لغد من قبل دخولك في غد كما تعدّ السلاح لمن تخاف أن يقاتلك وعسى ألا يقاتلك، وكما تأخذ عتاد البناء من قبل أن تصيبه السماء وأنت لا تدري لعلهم لا تصيبه، بل كما تعدّ الطعام لعدد الأيام وأنت لا تدري لعلك لا تأكله. وكان يقال: كل شيء طلبته في وقته فقد مضى وقته. المتنبي: الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعــانِ هُـــوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُـــرّةٍ بَلَغَـتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ وَلَرُبّمـــا طَعَنَ الفَتى أقْرَانـــَـــهُ بـــالرّأيِ قَبْلَ تَطَاعُنِ الأقرانِ لَوْلا العُقولُ لكانَ أدنَى ضَيغَم أدنَى إلى شَرَفٍ مِنَ الإنْسَانِ وَلما تَفَاضَلَتِ النّفُوسُ وَدَبّرَتْ أيـــدي الكُماةِ عَوَاليَ المُرّانِ لَوْلا سَميُّ سُيُوفــــــِهِ وَمَضَاؤهُ لمّــــا سُلِلْنَ لَكُنّ كالأجْفانِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae