لم يكن المغفور له بإذن الله، الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- حاكماً، بل كان أباً حانياً على جميع أبناء شعبه، ينظر إليهم جميعاً نظرة الأب لابنه، ويراعي مصالحهم الصغيرة قبل الكبيرة في جميع الجوانب الحياتية، ولم يقتصر خيره على شعبه، بل امتد لكافة بقاع الأرض، فهو من علمنا ألا نفرق بين الدين والعرق واللون، وأن نمد يد العون والمساعدة لكل المحتاجين، وصار ذلك منهاج دولة الإمارات وخريطة طريقها لنكبة الملهوف ومساعدة الضعفاء. تعلمنا من مدرسة زايد الكثير، فكيف لا، وهو حكيم الأمة وقلبها الذي ظل نابضاً بالخير في حياته وبعد مماته -رحمه الله- حتى اليوم وبعد مرور ثماني سنوات على انتقال روحه إلى بارئها، فهو مازال موجوداً بيننا في قلوبنا وعقولنا، نقتدي به في جميع صفاته الفذة. حتى أطفالنا الذين ولدوا بعد وفاته -طيب الله ثراه- أحبوه حباً شديداً كأنهم عاشوا معه، وإنما ولدوا وشعروا بوجوده بيننا، فأحبوه وتمنوا لقياه، هتفوا باسمه ولم يروه، صاحوا بأعلى أصواتهم "نحن عيال زايد"، ولم يقابلوه، كل ذلك لم يكن غريباً، فلا يخلو بيت من بيوتنا من ذكره، ولا من صورته وشعاراته وعباراته، فهو عايش في فكرنا، باختصار لن ننساك يا زايد. وسرد لي أحد الرجال الذين حظوا بمرافقة زايد أحد المواقف التي كانوا يعيشونها ويتعلمون منه يومياً، حيث كان في مجلس الشيخ زايد -رحمه الله- والذي كان يجتمع فيه جميع فئات المجتمع من مسؤولين وموظفين وأفراد من عامة الناس، وكان يجلس بجواره أحد الأجانب العاملين في الدولة، وكان الأجنبي يتساءل كيف يستطيع عامة الناس أن يجلسوا مع رئيس الدولة دون أي عراقيل؟ وسأل الأجنبي صاحبنا، هل كل هؤلاء مسؤولون في الدولة؟ فأجابه: هم من مختلف شرائح المجتمع، فزاده ذلك استغراباً، ومضى مع صاحبنا بأسئلة متعددة ومختلفة إلى أن قال له: ألا أنها هي تلك الديمقراطية حقاً. وبعد ذلك قال الأجنبي لصاحبنا إذا عزمت على إقامة حفل الزفاف في أبوظبي هل أستطيع أن أدعو الشيخ زايد للحضور؟، فأجابه: دعنا نجرب. وحينما سنحت لهم الفرصة اقتربوا من زايد، وبادر صاحبنا بمخاطبته قائلاً إن الدكتور الأجنبي يدعوك لحضور حفل زفافه الذي سيقيمه في أبوظبي، فأجاب رحمه الله: "وكيف لا نحضر، وهو واحد منا ومن أولادنا". وأمر الشيخ زايد للأجنبي بمبلغ من المال يعادل قيمة منحة الزواج التي يمنحها للمقبلين على الزواج من أبنائه المواطنين. halkaabi@alittihad.ae