بعد نحو ثلاثة عقود من إنشاء ضاحية الشهامة، والمعروفة شعبيا وقديماً بمنطقة أبومريخة، تستعد المنطقة لافتتاح أكبر مركز تجاري فيها، والذي بدأ العمل فيه جزئياً بافتتاح محل ضخم للسلع الاستهلاكية الشهر الماضي. الضاحية الواقعة على بعد 45 كيلومتراً من قلب العاصمة، لم يلق الاسم الأجنبي للمركز صدى في قلوب سكانها الذين انتظروا افتتاح مركز تجاري بهذا المستوى منذ أمد بعيد. فقد أطلقت الشركة المشغلة للمركز عليه اسماً أجنبياً طويلاً، وهو"دير فيلدز تاون سكوير"، ربما أراد صاحب الاسم أن يذكرنا بمواطن الظباء، ولكن اسم المنطقة أجمل، فاسم"الشهامة" غال على سكانها، أطلقه عليها القائد المؤسس زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ووصل- رحمه الله- الليل بالنهار مشرفاً على أعمال تسوية أراضي تلك المنطقة التي أصبحت اليوم واحدة من أكبر الضواحي السكنية خارج جزيرة أبوظبي، والأمر ذاته بالنسبة للضاحية المجاورة لها، وتحمل كذلك اسماً جميلاً لا يقل روعة عن المنطقة الأولى "الباهية" وغير بعيد أيضاً "الشليلة". وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، احتدم النقاش حول الاسم الأجنبي الطويل، وكانت آراء غالبية المشاركين مع تسمية المركز التجاري الوليد باسم إحدى المنطقتين "الشهامة" أو"الباهية". هذا الجدل الصحي عبر إلى جانب ما ذكرت عن اعتزاز بلغتنا الجميلة، وكيف تكون التسميات بها أجمل، وهي تعاني من تجاهل أصحابها في وقت تشهد فيه الدولة العديد من المبادرات الرسمية للحفاظ على اللغة العربية وصونها من أي عبث. لأنها في المحصلة الأخيرة تعبر عن هوية وطن بأكمله. لذلك نجد أن مبادرات متلاحقة تؤكد على الالتزام بالعربية باعتبارها من صور الاعتزاز بالهوية الوطنية. وفي ذات الإطار بعث لي أحد الإخوة القراء رسالة يستغرب فيها من اصرار الغالبية العظمى من مصارفنا الوطنية على إرسال كشوفات الحساب ومراسلاتها باللغة الإنجليزية، وهي تعلم علم اليقين أن من تخاطبه عربي اللسان، سواء أكان مواطناً أو مقيماً عربياً. وقال في رسالته إن أغرب تبرير سمعه من مسؤول المصرف الذي يتعامل معه حول الأمر" أن"السيستم" مبرمج على الإنجليزي"!!. طبعاً كان ذلك مبرراً للتهرب من تقديم إجابة مسؤولة، ولا تستبعد أن تستحدث مثل هذه المصارف رسماً لمن يريد تلقي مراسلاته أو كشف حسابه باللغة العربية لأن "تغيير "السيستم" مكلف، كما تعودنا منها دائما تحميل "العميل" أي تكاليف تعتبرها إضافية". ولو أجرى المصرف استطلاعاً لأدرك معاناة المتعاملين بسبب عدم معرفتهم باللغة الانجليزية، وربما خسر كثيرون جراء ذلك. إن هذين المثالين يؤكدان مدى الحاجة لتذكير الجهات المسؤولة بتجاوزات من يعتقدون أن المسألة مجرد استعراض مهارات وقدرات لغوية أو تفضيل لغة على الأخرى، لأن لغته المفضلة أسهل وأيسر له في إنجاز وإجراء تعاملاته أو عند التعامل مع الآخرين، من دون أن يدرك أثر ذلك على أفراد المجتمع الذين وجد لخدمتهم. ولنتذكر دائماً أن صون اللغة العربية مسؤوليتنا جميعاً، ومهما كان بريق المسميات الأجنبية تظل هذه الأسماء بـ"الجميلة" أجمل، متمنياً أن ينتهي الجدل المستمر لصالح"العربية" لغة البلاد الرسمية، كما أكد دستور الإمارات. ali.alamodi@admedia.ae