الحقائق الأخيرة التي ظهرت في تحقيقات النيابة قبل أيام في مسلسل غرق سفينة "الحوت الأبيض" تكشف بما لا يدع مجالاً للشك بأن السفينة انتشلت وهي خالية من جميع حمولتها من الديزل والذي يقدر بـ450 طناً. وهذه الحقائق تتعارض مع تصريحات وزارة البيئة التي دأبت طوال فترة غرق السفينة والتي استمرت لنحو الثمانية أشهر تؤكد على عدم وجود تسرب، كما أنها كانت تتعارض مع التقارير الميدانية التي كان ينقلها زميلنا سعيد هلال في تغطيته لخبر غرق السفينة حيث كان يؤكد في كل مرة يزور فيها موقع غرق السفينة في البحر عن وجود تسرب للديزل، وانتشار رائحته في كل مكان، لكن مع ذلك الوزارة كانت تصر على النفي وتستمر فيه. ولا ندري لماذا تصر بعض الجهات المسؤولة في مثل هذه الحالات على النفي وعدم ذكر الحقيقة، على الرغم من أن تزيين الواقع والتخفيف من المشكلات التي تحصل ليس دورهم، خاصة وأن هذه المشكلات في كثير من الأحيان تقع بالرغم عن الجميع، تماماً كما حصل في قضية الحوت الأبيض وهي سفينة قديمة ومتهالكة، وفي الوقت نفسه مخالفة وتقوم بنقل حمولة تفوق طاقتها وهي من الأساس غير مخصصة لنقلها، والمعني أنها كانت بمثابة قنبلة "بيئية" متحركة قابلة للانفجار، وفي هذه الحالة معرضة للغرق كما حصل بالفعل. مثل هذه القضية لا ذنب لوزارة البيئة وغيرها فيها، لذلك كان من واجب الوزارة أن تتعامل بشفافية مع الحادث وتكشف تفاصيله دون تخفيف أو تقليل وعلى رأسها الاعتراف بوجود التسرب، ولا أعتقد أن أحداً يستطيع تحميلها أي تقصير على ذلك، هذه مصيبة ووقعت عليها من البحر، خاصة وأن عملية السيطرة على تسرب من سفينة غارقة ليس بالأمر السهل وهي عملية معقدة وليست بسيطة، وتابعنا قبل مدة كيف عانت أميركا وشركة "بي بي" من السيطرة على تسرب نفطي من أحد الحقول في خليج المكسيك بالرغم من كل الإمكانات الضخمة والتقنية التي سخرت لتلك العملية. هذه الحادثة والمعاناة الكبيرة التي تمثلت في انتشال السفينة وقبلها عدم القدرة على السيطرة على التسرب، تكشف من جهة عدم قدرة الوزارة على التعامل مع هذه النوعية من الحوادث، وهو أمر قد نجد لها فيه بعض العذر بسبب عدم توفر الموارد والإمكانات التي تعينها على ذلك، كما تكشف من ناحية أخرى فشل الوزارة في التعامل الإعلامي مع الموضوع وهو أمر لا نجد لها فيه أي عذر. والخلاصة نتمنى أن نصل إلى يوم نتخلص فيه من عقلية النفي التي تسيطر على بعض المسؤولين وأن يتحول الحديث عن الشفافية إلى حقيقة واقعة، وليس مجرد شعارات مرفوعة في المنابر الإعلامية. سيف الشامسي | salshamsi@admedia.ae