قد يسأل البعض لماذا تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة إنتاج وترويج الطاقة المتجددة على مستوى العالم، وتستضيف أبوظبي قمة عالمية لطاقة المستقبل، العام الحالي للمرة الخامسة، وتأتيها الدول من كل جهات العالم المتقدمة منها والساعية إلى عتبة التقدم، والإمارات تعتبر من الدول الكبرى في إنتاج النفط وتملك احتياطيات كبيرة من الغاز.
قد يكون هذا السؤال عادياً ومشروعاً لكنه لا ينطوي على بُعد نظر ورؤية عميقة للمستقبل، فالثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والفحم والحديد وغيرها سيأتي يوم وتنضب لتكون أثراً بعد عين، ولكن الطاقة المتجددة المرتبطة بطبيعة الحياة ودوران الأرض حول الشمس لا تنضب، وهي باقية بقاء الدنيا، هذا بالإضافة إلى ما يعانيه العالم من مشاكل في البيئة.
ولا نعتقد أن معضلة تغير المناخ والاحتباس الحراري وتغير أوضاع الطقس خافية على أحد في العالم، ووقوع الكثير من الكوارث الطبيعية التي اجتاحت العديد من دول العالم وكان أثرها وبالاً على البشر والحجر.
لقد تنبهت دولة الإمارات لأهمية الحفاظ على البيئة والطبيعة قبل أن يظهــر النفــط وبعــده، وجهــود المغفــور له الشيخ زايــد بن سلطــان آل نهيان “رحمه الله” الذي لُقب برجل البيئة الأول ظاهرة في الإمارات، ولا تحتاج إلى تأكيد بدءاً من مكافحة الزحف الأصفر إلى حماية الحياة البرية والحيوانات المهددة بالانقراض وإكثارها والحفاظ على الطبيعة بشكل عام وتوفير الحياة المستدامة.
وقد استدركت الإمارات مشكلة تغير المناخ وكانت من أولى الدول التي ساهمت في حماية كوكب الأرض مادياً وعملياً بهدف الاستدامة وتوفير الحياة المتجددة لبني البشر، ومن الطبيعي أن تكون الإمارات اليوم هي الرائدة للطاقة المتجددة والإنتاج النظيف وذلك انطلاقاً من ثوابتها في هذا الشأن، وتسخير التقنيات المتقدمة في سبيل الحصول على طاقة نظيفة مستدامة، كما أكد على ذلك بالأمس في معرض طاقة المستقبل المُصاحب للقمة العالمية لطاقة المستقبل في أبوظبي الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي أطلق أيضاً من أبوظبي تنظيم القمة العالمية للمياه اعتباراً من الدورة المقبلة لقمة طاقة المستقبل في أبوظبي.
هذا الجهد المُقدر من أبوظبي محلياً وإقليمياً وعالمياً يرمي في الأساس للحفاظ على الثروات التي وهبها الله للبلاد وتأمين توفرها والانتفاع بها للأجيال المقبلة جيلاً بعد جيل، وكذلك توفير حياة طبيعية نظيفة لبني البشر.
والاستثمارات التي دخلت بها الإمارات والنموذج الناجح الذي قدمته من خلال مدينة “مصدر”، ومشاريع الطاقة النظيفة وتبنيها لإنتاج الطاقة النظيفة من الرياح في دول أوروبية أبهرت العالم، وأعطت الإمارات هذا الزخم من الصدقية والجدية والقوة لتكون الرائدة والقائدة على مستوى العالم في هذا القطاع الذي يشكل المستقبل، ليس فقط للإمارات بل للعالم أيضاً، كما أكد على ذلك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عندما قال: “إن الإمارات تتطلع لتوفير الحياة الراقية المستدامة للإنسان، الإنسان أينما وُجد على ظهر هذه البسيطة”، هذه هي رسالة الإمارات للعالم.


m.eisa@alittihad.ae