الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من أحببناهم يسيرون في عمانا بتلكؤ

من أحببناهم يسيرون في عمانا بتلكؤ
2 أغسطس 2012
أحمد النجار * فليسقط العالم ولتزهر أوطاننا حريةً ولنشهق جميعاً كآهة صاروخية بعيدة الصدى أو كصرخةٍ عابرة لقارات الألم ولنركل الكرة الأرضية بعيداً عن كوكب الدم ولنناطح ثيران الأنظمة وليغرزوا قرونهم في أعيننا سنقتلعها ونروض هياجهم، ونبتسم ولنثقب طبقة الأوزون بتوحش وننأى عن هذه الغابة المعولمة التي قلّمت مخالبنا جيداً واستلّت أنيابنا ثم أقنعتنا أننا مجرد أرانب صيدٍ ليس إلا علينا أن نكون أليفين.. فإنهم سيتعاملون معنا كحشرات ضارة، ولنرسم لنا قيامات ساخرة ولنذهب لمعانقة الأبد ولنبتسم لأحبائنا الرائعين والبائسين أيضاً ونودعهم كغرقى أو كقتلى حروب ولنترك لهم أثراً ولو كرميم مجزرة جماعية ولنحتضن أوطاننا بصدر عارٍ لكي لا نموت من البرد ولنغادر بضمائر نقية وليصنفوننا كضحايا لقمة عيش أو ليصفوننا “كمندسين” في حفلة فوضى أو كنبيحة لم يبلغ نباحهم هدفه أو كبلاطجة مسوسين يتم استئصالهم بقذيفة دبابة أو كحفنة إرهابيين مازالت أحشائهم مدججة بحساء البارحة أو كعملاء مدفوعي الأجر كمن تستجّوب جيوبهم عين قناصة يكفي سخفاً فقد انتهت الحفلة فهل تسمحوا لنا بهذه الرقصة لا نملك بذلات سوداء أو ربطات عنق ولسنا رومانسيين كأفلام الخمسينات لكننا سنرقص على إيقاع أسنانكم بأناقة وبآهاتنا الثملة سنخاصركم حتى الصباح.. ولتعلموا ولو لمرةٍ أننا لا نميل مثلكم للرقص ولا للكأس الفرق بيننا أنكم نسيتم أمعاءنا في غياهب الرقص ونشوة الكأس بينما كنا هناك في جيوبكم نتعرى بصمت ونحتضر بلا صوت لكنما كنا نؤمن يقيناً أنه لا حياة مع اليأس.. لنهرب منا إلينا ولنعد إلى حتفنا الأخر ولنرفع نحيبنا عالياً وننتشج: لا نريد موتةً مبتذلة تتدلى من شرفة فيلا أو إجهاشة أخيرةً فوق أريكة ناعمة لفندق خمس نجوم أو بضع تنهدات متقطعة على سرير مشفى أو نغمة احتضار جماعي في باحة منتزه ليل أو سكتةً قلبيةً بلهاء يعتنقها الجيران ببرود جمّ نريد أن نموت بطلاقة من أجل وطن يئن أن نرعف دماً ليثمر نزيفنا ذكريات عزيزة أن نؤثث جثثنا لكي يعبر طيف غرباء فوقنا أن نهنأ في رقادنا كنسائم مستقيلةً من مشيئة الريح أن نلمح من أحببناهم يسيرون في عمانا بتلكؤ وبألم شاغرٍ يتنشقون عبير فواتنا فيما ننضج كقهر يتخثر في قارورة بيبسي.. أن نذروا عبراتنا في حقل كرامة ونرى كيف تغدو سنابل أوجاعنا سامقة كأنفاسنا الأخيرة أن تكون ملامحنا أحلاماً مفروشة كسجاد التشريفات وابتساماتنا رخامات تلمع تحت خطى أطفال يشبهوننا أن تتحول رفاتنا إلى أعراس وأعياد أو كزغردات تنمو في مناديل أمهاتنا أن تصبح أسمالنا المضرجة بدم أردية يعلقونها على سارية مدارسنا التي أرضعتنا مبادىء الوطن الخطأ أن نتحسس تلاميذ صف أول ابتدائي وهم يستحضرون أرواحنا بحماس بريء كما لو أنهم ملائكة نادمون أن نتطاير كذرات غبار يتلقفها المدى بجفنٍ شاسع أو نصير كخواطرٍ منسية منتشرة كالهبوب في مفكرة الهواء أنّ ..!! * شاعر يمني
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©