حينما تسمع بموظف عام يحبس بتهمة مزاولة غسل الأموال من الأوقاف والشؤون الإسلامية فإنك تشعر بالامتعاض والذعر في الوقت نفسه، فلا يعقل أن يعمل موظف في جهة مثل الأوقاف المعنية بالشؤون الإسلامية، وأن يكون لصاً أو مختلساً ، وبحثت له في داخلي عن مخرج ليس لذاته، وإنما للمكان الذي ينتمي إليه والذي يعمل فيه، وقلت لعله لا يفقه في القوانين أو النظم التي تسير الأمور، أو كان قد فعلها بواقع "حسن النية" ليخدم زملاءه ويبعث تحويلاتهم المصرفية من حسابه ليوفر عليهم أجرة تحويل المبالغ. وفي كل الأحوال ومع حسن النية أيضاً لا يستوي أن يقدم موظف على مزاولة نشاط آخر غير عمله الأساسي الذي يقتات منه، ويعيش من ورائه، فلابد عليه أن يخلص لعمله وللمسؤوليات المناطة به، وكما ورد في الذكر الحكيم "مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" سورة الأحزاب، أي لا يستطيع أي من كان أن يفكر في موضوعين في وقت واحد، وإذا كان ذلك الموظف قد شغل نفسه بجمع الأموال ووجد لنفسه فيها رخصة فلا شك أن قصّر في عمله ولم يعطه حقه. ولعل الخبر في هذا الوقت بالذات قد يكون صدمة لشخص ينتمي لهذه الجهة ويسلك سلوكاً غير لائق أبداً ويتنافى مع المبادئ التي تنشرها تلك الجهة في مختلف الأوقات، ولكن في الوقت نفسه نحن نعيش في مجتمع يمتاز بالشفافية والوضوح وقول الحق، ولو على أنفسنا وأهلنا، وبث الخبر كان مطلباً ضرورياً لإيصال المعلومة بكل وضوح للرأي العام والمجتمع بأكمله. كما أن هذا الموظف لا يمثل الجهة التي يعمل فيها، وإنما يمثل نفسه، ولكنه لم يلحقه من طيبها وخيرها ومبادئها، ولم يتأثر بها ولم تسيطر على شخصيته، فتلك أيضاً مصيبة لابد من الوقوف على أسبابها والنظر في موضوعها حتى لا تتكرر. وكان بنك عامل في الدولة أرسل تقريراً إلى وحدة غسل الأموال والحالات المشبوهة في مصرف الإمارات المركزي حول معاملة مصرفية مشبوهة في حساب المتهم، وقد أشار التقرير إلى أن الإيداعات المالية الضخمة في حساب المتهم، لا تتناسب مع طبيعة عمله كموظف أو مع راتبه. وذكر التقرير أن حساب المتهم لديه قد استقبل إيداعات بقيمة 6.6 مليون درهم من مختلف مناطق الدولة خلال الفترة من يناير وحتى أبريل الماضي، ولم يوفر المتهم للبنك المستندات التي تثبت مشروعية تلك الأموال ومصدرها. وكالعادة فقد انتشر الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجعل الناس ما بين مستنكر ومعلق، وممتنع عن التعليق، وقد كان الأولى أن يبث من الجهة نفسها لتبين الواقع، وتوضح ماهية الموضوع، وتظهر للناس أجمع، وتطهر نفسها من كل رذيلة جلبها إليها الطماعون. حمد الكعبي | halkaabi@alittihad.ae