«لا تبدأوا صباحكم بـالتفكير فيما يقلقكم! ولكن ابدأوا يومكم بالتّفكير بمَا يسعدكم، فَالمُلك كله لله، وليسَ بيد أحَد آخر» هذه العبارة الشديدة اليقين بالله، والراشحة بالإيمان بأقداره، كانت هي بالضبط ما أحتاجه حقيقة لهذا النهار، دون أن أدري شيئاً عما ينتظرني فيه، لكنها كانت أول ما طالعته من رسائل في صندوق بريدي الإلكتروني، وجدتها عنواناً لرسالة طويلة فاكتفيت ببضعة أسطر منها دون أن أذهب إلى كل التفاصيل، حفظت العبارة عن ظهر قلب، وشكرت مرسلها، وأسررت له دعوة طيبة في قرارة قلبي.  كلنا نحتاج لمثل هذه الرسائل اللطيفة، وسط هذا الطوفان من الأخبار المزعجة  المندسة لنا خلف الزوايا، والتي تطل بكل ثقلها في أية لحظة دون مقدمات، لذا فمن الأجدر أن لا نبدأ يومنا بحصر تركة «المنغصات» بمجرد أن نصحو من النوم، لنبدأ بطقوس هانئة ورومانسية بعض الشيء، ليس هناك ما يمنع، فالمنغصات موجودة في كل لحظة، فقط علينا ألا نستعجل، وأن نتمهل، لنبدأ يومنا باسم الله، بالصلاة، بالنظر من النافذة، لنتأمل  هدوء الحي الذي ربما لا نعرف كثيراً من تفاصيله رغم مرور عشر سنوات على وجودنا فيه، لنترنم بلحن نحبه، ولنعد قهوتنا بمرح كفتيات الدعاية التلفزيونية، لم لا؟ أليست تلك الدعاية مصنوعة لنا خصيصاً كغزو فكري كما يقول أساتذة التحليل الإعلامي والديني، إذن فلنشرب القهوة ونعش «الجو» كاملاً!  في هذا الصباح لن نقلد تلك الحركة الغبية كما في الأفلام الأميركية، لن نفتح التلفزيون السادسة صباحاً، وإذا فعلنا فلن تكون الجزيرة والبي بي سي، والعربية أول اختياراتنا، فهذه القنوات تشبه بدلات السموكنج السوداء، لا تصلح إلا للمساء والسهرة فقط، وإذا كان لابد من التلفزيون على «الريق» فليكن خيارنا جميعاً إحدى قنوات «الكرتون» للأطفال التي لا تمل عرض أفلام توم وجيري، أو «الناشيونال جيوجرافيك»، هذه القنوات ممتعة، مفيدة، مهدئة للأعصاب مثل البابونج واليانسون، لاضرر من وراء مشاهدتها وحتى الزوجات تجدهن أسعد الخلق إذا ما أدمن أزواجهن هذه القنوات،إنها أفضل وأضمن وأريح من الـ « إم بي سي» حتماً، ومن المسلسلات التركية! لا تبدأ يومك بالبحث عن مفسر أحلام، أو بقراءة أبراج الحظ، حتى ولو كان على سبيل التسلية أو الاستظراف مع أصدقائك في العمل، فتفاصيل «نشرة أخبار الأبراج» قد تضعك في مآزق لا تحصى، فيخيل إليك أن رؤيتك صباحاً لسكرتيرة المدير كأول شخص تقابله هو التفسير الحقيقي للعبارة «خبر سار يحمله لك شخص غير متوقع هذا الصباح» وتظل تراقب يد السكرتيرة وحركتها بانتظار رسالة الترقية، لكن السكرتيرة إما أن تشتكيك للمدير بدعوى التحرش، أو تأتي وفي يدها رسالة لفت نظر بسبب تأخيرك المتكرر، وساعتها ستصاب بصدمة كبيرة، وقد يتحول الأمر لمجلس تأديبي، بعد أن تكفر بالأبراج إن لم تكن قد فعلت بعد! لا تبدأ يومك بشكل غبي، كالقلق فيما سيحدث مثلاً، فما سيحدث سيكون سواء فكرت فيه أو لم تفكر، أنت لست مهندس العالم ولا مدبر الكون، فكر بأن تؤدي ما عليك، تسعد أطفالك، تبهج أصدقاءك، ولا تراكم ضغوطاً إضافية تصير أمراضاً مزمنة مع توالي الوقت، وحين تنام  مساء لاتدس مشكلات العمل معك، ولا تحمل مكتبك إلى دنيا الأحلام، حتى لاتبحث في الصباح عن تفسير لحلم مزعج آخر!  ayya-222@hotmail.com