خلال الأيام القليلة الماضية تكررت شكاوى عدد من سكان منطقة المناصير بمدينة أبوظبي من انقطاع التيار الكهربائي. ونعلم جميعاً ما يعني انقطاع الكهرباء في مثل هذه الأيام، ومقدار ما تسبب من أذى وألم، وبالأخص للأطفال وكبار السن.
في البداية لم أصدق ما أسمع، فالضاحية السكنية واحدة من أكثر مناطق العاصمة تخطيطاً وتجهيزا وبنية تحتية متطورة. ولكن عندما تابعت المشكلة عن قرب، وبالذات مع شركة ابوظبي للتوزيع -التي تفاعلت مع الموضوع- اكتشفت أبعاد ما يترتب على مخالفات بعض المواطنين لقواعد السكن الصحي والآمن، وهم يتركون عقاراتهم بتصرف مستثمرين جشعين. يقومون بتقسيمها بصورة مخالفة للقوانين والأنظمة، فتجد السكن المخصص للأسرة الواحدة، وقد تحول لتجمع يفوق بكثير ما أعد له. فتضغط متطلبات هؤلاء على خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي وغيرها من الاحتياجات، وبالتالي من الطبيعي أن يحدث العجز والانقطاع.
كما أن هذه التجمعات تحمل مخاطر جمة كالحرائق عند اشتداد الضغط على الكهرباء، وهي تعتمد في توصيلاتها على تمديدات متدنية الجودة. إلى غير ذلك من الأخطار التي تصعب السيطرة عليها وسط أي عمل عشوائي، كالذي شهدته في تلك المنطقة السكنية من العاصمة.
إن ما جرى هناك، يشير بوضوح لغياب الحملات التفتيشية من فرق بلدية أبوظبي تحديدا، وهي المعنية بمتابعة مخالفات الإضافات وتقسيم السكن الذي تقيم فيه أكثر من الأعداد المقرر لها، سواء أكانت عائلات أو عزابا.
كما أن ما جرى يشير لموسمية هذه الحملات التي تقوم بها البلدية بين فترة وأخرى. وإلا لما تجرأ هؤلاء المخالفون على المضي في مخالفاتهم في منطقة كهذه تحيط بها دوائر وجهات مهمة.
وأحيي بيان شركة أبوظبي للتوزيع الذي أعلنت فيه أنها لا تعفي نفسها من مسؤولية ما جرى من تجاوزات ومخالفات تسببت في انقطاع التيار الكهربائي عن سكان تلك الوحدات العقارية.
ومن المتابعة الميدانية أيضاً، اتضح وجود فئة من الملاك والمستثمرين تعتقد أنها فوق القانون، بل وتتحدى جهات تنفيذ القانون. كما في حالة بناية جرى فصل الكهرباء عنها بأمر من محكمة البلدية، وتمكن “مستثمروها” من إعادة التيار، ليبقى المخالفون فيها.
وفي الوقت الذي يفترض بشركة أبوظبي للتوزيع أن توفر إمدادات من الطاقة كافية للحيلولة دون انقطاع الكهرباء عن السكان، فإنها مدعوة للتنسيق مع بقية الجهات الأخرى وفي مقدمتها بلدية أبوظبي والشرطة والدفاع المدني لمواصلة الجولات الميدانية ومسح مختلف مناطق العاصمة لمتابعة أية مخالفات تقود لوضع غير مقبول، ويترتب عليه ضرر للفرد أو العائلة التي تسكن في مثل تلك الوحدات المقسمة، وهو في الأخير يتسبب في أذى للمجتمع بأسره. لأن موسمية الحملات تتحمل رسائل سلبية، وتضع المخالفين في حالة كر وفر. بينما العمل الميداني والملاحقة الفورية كفيل بالتصدي لتلك الظواهر المشوهة لمظهر مدينة أبوظبي المتألق جمالاً ونظافة.


ali.alamodi@admedia.ae