في عام 2010 أصدر مركز الجامعات عالمية المستوى في شنغهاي التصنيف الأكاديمي لأفضل 500 جامعة في العالم والذي بدأ في تقديمه ابتداءً من عام 2003، بناء على مجموعة من المؤشرات الموضوعية وقد اُعترف بـهذا المؤشر كواحد من أقوى وأكثر التصنيفات صدقية وتأثيراً في العالم، في ذلك التصنيف احتفظت الولايات المتحدة بهيمنتها على القائمة حيث توجد 8 جامعات أميركية ضمن الجامعات الـ10 الأوائل و54 جامعة أميركية في قائمة أفضل 100 جامعة، وظلت جامعة هارفارد متربعة على المرتبة الأولى في العالم للسنة الثامنة على التوالي، تلتها جامعتا بيركلي وستانفورد، وظهر معهد ماساتشوستس للتقنية، ومعهد كاليفورنيا للتقنية، و.... إلخ، فالدول لا تصبح عظمى ومهيمنة من فراغ أو بقوة السلاح فقط!!
تلت الولايات المتحدة قائمة طويلة من البلدان الأوروبية وغير الأوروبية كبريطانيا التي تضم أعرق الجامعات في العالم (كامبريدج وأكسفورد)، تلتها سويسرا، فرنسا، الدانمارك، السويد، هولندا، ألمانيا، فنلندا، روسيا، النرويج، بلجيكا، اليابان، أستراليا، الصين، وإسرائيل، الاستثناء العربي الوحيد كان بدخول جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المملكة العربية السعودية قائمة أفضل 500 جامعة لأول مرة، ولا إنجاز آخر، لماذا؟ باختصار لانعدام توافر المعايير الموضوعية التي يطبقها المؤشر، من هنا فإن صفة التخلف التي تلتصق بالعالم العربي منذ تراجع مرحلة الحضارة والتنوير العربي الإسلامي لم تأت من فراغ!
بالنسبة للمعايير التي يتم على أساسها منح الجامعة تقييمات تؤهلها للدخول في المنافسة ذكر مركز شنغهاي أربعة معايير هي: جودة التعليم وهو مؤشر لخريجي المؤسسة الذين حصلوا على جوائز نوبل وأوسمة فيلدز، جودة هيئة التدريس وهو مؤشر لأعضاء هيئة التدريس الذين حصلوا على جوائز نوبل وأوسمة فيلدز، وأيضاً في هذا المعيار مؤشر للباحثين الأكثر استشهاداً بمؤلفاتهم وأبحاثهم العلمية في 21 تخصصاً علمياً، مخرجات البحث وهو مؤشر للمقالات المنشورة في الطبيعة والعلوم وكذلك المقالات الواردة في دليل النشر العلمي الموسع ودليل النشر للعلوم الاجتماعية ودليل النشر للفنون والعلوم الإنسانية، وأخيراً حجم المؤسسة وهو مؤشر لإنجازها الأكاديمي مقارنة مع المؤشرات السابقة، فكم أستاذاً في جامعاتنا العربية نال جائزة نوبل يا ترى؟
أتذكر تماماً حديث الدكتور فاروق الباز العالم الجيولوجي الذي شغل مكانة علمية مرموقة في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) هذا الرجل برغم تفوقه العلمي إلا أنه حين تخرج في الجامعة قذفت به إدارة القوى العاملة في مصر إلى محطة السكك الحديدية ليشغل وظيفة عادية فيها، كان بإمكان الخريج الشاب يومها أن يقبل بالوظيفة تلك ويعيش عمره بين القطارات وملايين الركاب صفر لا قيمة له لكنه اختار لنفسه قدراً آخر فيمم صوب الولايات المتحدة ليكتب لنفسه تاريخاً آخر ينقله إلى واحدة من أعرق وأقوى محطات البحث العلمي في شؤون الفضاء في العالم.
آخر المطاف: في مشهد من مسلسل الخواجة عبدالقادر، يلوم الموظف شقيقه الطالب الجامعي المتفوق على اشتراكه في المظاهرات ضد الاحتلال والتي انتهت به إلى مبنى أمن الدولة، فيرد عليه الأخ: أنتم لا تريدون أن يكون لي رأي ولا موقف أمام أعداء الوطن، فأجابه الشقيق: بعلمك وتفوقك وإصرارك على الاستزادة من العلم تتفوق عليهم أكثر وتهزمهم بشكل حقيقي، الصراخ والمظاهرات لن تقود إلى نتيجة.. وجهة نظر.


ayya-222@hotmail.com