الذي يعترض على قرار تشفير مباراتين في دوري المحترفين أسبوعياً هو نفس الشخص الذي لا مانع لديه من شراء زجاجة مياه معدنية بمبلغ 15 درهماً عندما يكون في إحدى الدول الأوروبية، بينما أزبد وأرعد عندما ارتفعت قيمة نفس الزجاجة هنا لتصل إلى درهم ونصف الدرهم، فبعض الآراء التي تعارض التشفير لها حجة ومنطق منبثق من فكرة، أما بعض الآراء فليست سوى ثرثرة يا ليتها كانت مشفرة. يقول معارض التشفير مستخفاً دمه، صدق أو لا تصدق: الدوري الألماني نشاهده بالمجان، أما الدوري الإماراتي فيجب أن ندفع للقنوات حتى نتمكن من المشاهدة، ولا يعلم أن دورينا بالنسبة لشريحة كبيرة من المجتمع هو أهم من الألماني والإسباني والإنجليزي والإيطالي مجتمعين. ولا أدري كيف نناقض أنفسنا ونقلل من قيمة دورينا، ونستهجن مستويات الأداء في مبارياتنا المحلية لدرجة أن يصفها البعض بـ”العك الكروي”، وفي نفس الوقت نثور ونغضب لأن بعض هذه المباريات تم حجبها عنا بجهاز التشفير، وكأن منطق البعض يقول: نعم دورينا هابط ومبارياته تثير في نفوسنا الاشمئزاز، ولكن إياكم أن تحرمونا من جلد أنفسنا وتعذيب أرواحنا ودعونا نتابع هذه المباريات. ملاعبنا طاردة للجماهير لا ننكر، بل نعترف أن بعض مدرجات الأندية لا تصلح لجلوس البشر، كما أن آلية النسبة والتناسب في توزيع المقاعد، هي فكرة قادمة من عقلية بائسة عاجزة عن الابتكار، ولكن تلك أمور تلام عليها إدارات الأندية التي تنفق الملايين من أجل التعاقد مع اللاعبين، وتستخسر دفع بضع مئات الألوف في تحسين مدرجاتها لأنها تنتظر دائماً الدعم الحكومي في هذا الجانب. كما أن اللوم على لجنة المحترفين، التي ينبغي عليها أن تطبق شروطاً صارمة في الملاعب، التي تستضيف مباريات الدوري، وأن تضع مقاييس معتمدة وموحدة تماماً، كما يفعل الاتحادان الآسيوي والدولي، ومن العبث أن نخوض سادس سنة احتراف ومازالت آلية بيع التذاكر والدخول إلى الملاعب مستدعاة من القرون الوسطى، والمقاعد غير مرقمة ومواقف السيارات ووسائل النقل البديلة غير متوافرة. لا يمكن الحكم على نجاح التجربة إلا بعد إعطائها حيزاً أكبر من الوقت قبل أن نطلق العنان لأحكامنا، ولكن فاجأني حضور الآلاف وامتلاء الملعبين، الذين أقيمت عليهما المباراتين المشفرتين، وخيبة أمل الآلاف، التي لم تتمكن من الدخول، وبغض النظر عن هوية الفرق الأربعة المشفرة في الجولة الأولى، فكان المنظر مبهراً وكان المشهد مبشراً، وكأن الجماهير لم تعرف قيمة دورينا إلا بعدما أصبح مشفراً. Rashed.alzaabi@admedia.ae