قبل أن يبدأ الدوري، وفي فترة الانتقالات والتعاقدات، شغلني كثيراً موقف نادي بني ياس بالاستغناء عن نجمه وهدافه سانجاهور، حد الغضب من النادي الذي يفرط في واحد من أفضل عناصره، وكان أحد هدافي المواسم الماضية، وقلت في نفسي كيف يتخلى «السماوي» عن لاعب يعرفه ويعرف إمكاناته، ليبحث عن جدد لا يعرف مستواهم، وقد يفلحون وربما لا يكون بينهم من يرقى لمستوى سانجاهور. هذا الانشغال دفعني للحديث مع لاعبين من بني ياس تربطني بهما علاقة صداقة، وأجمع الاثنان على فكرة زادت حيرتي ولم تجب عن كامل تساؤلاتي، فقد أكد الاثنان أنه بالرغم من إمكانات سانجاهور وما قدمه للفريق، إلا أنه أفقد الفريق على مدار الفترة التي قضاها معه، واحدة من أهم ميزاته، وهي اللعب المهاري «العرضي»، فقد كان اللعب ومن أجل الهداف السنغالي «طولياً» لخدمته في المقدمة، حيث يقبع غالباً في منطقة الصندوق، بانتظار «اللدغة» التي يصيب بها حارس مرمى الفريق المنافس. ومنذ أن بدأ الدوري أدركت كما أدرك غيري أن هناك شيئاً مختلفاً في بني ياس، فالفريق الذي يحتل وصافة الدوري حالياً بسبع نقاط من انتصارين وتعادل، يبدو وكأنه يرتدي ثوباً جديداً، أو ربما عاد إلى ثوبه المنافس، ولم تكن الرباعية التي فاز بها على دبي بملعب الأخير، سوى عنواناً لهذا الفريق «الجديد- القديم»، والذي تخلص بإعارة سانجاهور إلى الوصل من أحد مصادر قوته وأيضاً من أهم أعبائه، وليس بالضرورة أن تكون كل الأعباء سيئة. وقد امتاز بني ياس عبر السنوات الماضية ببحثه الدؤوب عن اللاعبين الأجانب، وامتاز أيضاً بالاستغناء عنهم دونما موعد، ودونما توقع، فقد كان أفضل لاعبيه وهو في الدرجة الأولى السنغالي بابا جورج، واستغنى عنه فور الصعود ومنحه درع النادي تقديراً لما قدمه، ومع وبعد وقبل بابا جورج، استغنى السماوي عن كثيرين، في رحلته تلك، كان أبرزهم العاجي موديبو ديارا، والعُماني فوزي بشير، وإيدير جاوتشو، والمصري محمد زيدان واسماعيل بلمعلم وويلهامسون، وكثيرين غيرهم، وفي الموسم الجديد، اختار أن يستبدل كل الأجانب دفعة واحدة، في خطوة، لا تبدو اليوم متعجلة ولا متسرعة، في ظل المستويات التي يقدمها الجدد، وأبرزهم الثلاثي اللاتيني، الأرجنتيني لويس كارلوس فارينا والتشيلي كارلوس مونوز والبرازيلي مارسيلو بيريرا، ومعهم العُماني الصلب عبدالسلام عامر، وقد أجاد الأربعة وتفننوا في لقاء أمس الأول أمام دبي، وبدوا متناغمين، وقلما نجد كل الأجانب في فريق واحد، يقدمون ما قدمه رباعي بني ياس. ومنذ عودته إلى دوري المحترفين قبل خمسة مواسم، يتطور السماوي عاماً بعد عام، ففي الموسم الأول 2009/ 2010 احتل المركز الرابع، ثم احتل المركز الثاني في 2010/ 2011، وتراجع في 2011/ 2012 إلى المركز التاسع، لكنه شارك في دوري أبطال آسيا ونجح في التأهل إلى دور الـ16 للمرة الأولى في تاريخه، وفي الموسم الماضي، عاد ثانية إلى المقدمة، محتلاً المركز الرابع بفارق الأهداف والمواجهات المباشرة مع الجزيرة الثالث، كما فاز بكأس الخليج 28. حدث كل هذا، بالرغم من تعاقب الإدارات واللاعبين والمدربين، ويبدو أن السر في هذا الاسم.. في بني ياس.. هذه الحالة التي تحيط بأبوظبي، نادياً، ومجتمعاً، وامتدت إلى الفريق الذي يلعب وكأنه من بيت واحد. كلمة أخيرة: النتائج الصحيحة برهان لمعادلة سارت كما ينبغي mohamed.albade@admedia.ae