الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«واسيني» مسرحية تشهد مقتل «شحاذ» بسبب ثري وحسناء

«واسيني» مسرحية تشهد مقتل «شحاذ» بسبب ثري وحسناء
28 سبتمبر 2013 21:55
يبقى المسرح «أبو الفنون»، لأن العرض الحي يضع النص والمخرج والممثلين أمام الجمهور مباشرة، حيث يتفاعل الجميع في حبكة العمل الفني قبولا وإعجابا أو العكس، ولهذا أهمية كبرى في العرض المسرحي ودوره محوري في ملامسة القضايا الاجتماعية المهمة وتقديمها أمام الجمهور بشكل تمثيلي محبب ومؤثر. وكانت فرقة مسرح أبوظبي قد أنهت عرضها المسرحي «واسيني»، الذي تم تقديمه على مدار أيام بمقر اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، والذي أثار اهتمام الحضور ودفعهم للنقاش. والمسرحية من تأليف وإخراج الكاتب الإماراتي صالح كرامة العامري، ومن المنتظر عرضها خلال أيام عيد الأضحى المقبل على مسرح كاسر الأمواج بأبوظبي. من النظرة الأولى إلى الخشبة وتوزيع الممثلين وأوضاعهم، تبدو الصورة واضحة على طرفي الخشبة وهم في انتظار الإشارة حتى يؤدوا أدوارهم الخفية أمام الجمهور، وهؤلاء يعبرون من خلال وقفتهم المتحفزة وصمتهم أبلغ تعبير بأن لهم الكلمة الأخيرة في العمل. بينما يقف «الشحاذ» يستجدي حاجته من الثري مرددا بإلحاح: «أعطيني». وهذه الكلمة البسيطة كانت مفتاح الحدث، وهي التي تؤدي بالجميع إلى الخاتمة المأساوية. بداية الصراع وقد أظهر الكاتب الإماراتي صالح كرامة العامري، بهذا النص المسرحي وتجسيده على المسرح فكرة فلسفية مقتبسة من الواقع المتناقض بين الشحاذ والثري، الذي يترك الهاتف وحقيبة النقود بقصد للشحاذ الذي يرفض أن يأخذ الهبة بإصرار. كما أن الإشـارة إلى القطار في النهاية كانت لمحة شاعرية ولها دورها في حبكة العمل. بدأ المشهد الأول من المسرحية عندما يدخل الرجل الثري وبرفقته صديقة جميلة «يتسليان» وهي تلعب في جهازها الموبايل الحديث، حيث يتقدم الشحاذ، ويقول: «أعطوني.. أعطوني»، فيبادر الرجل ويدفع له بعض النقود ثم يغادر المقهى. وهنا ينشأ صراع بين عامل المقهى والشحاذ الذي يريد أن يمارس إنسانيته كأي إنسان فيجلس على كرسي ويطلب القهوة، وهي أبسط حق له كإنسان، لكن النادل يرفض ويأمر الشحاذ بالخروج وكأن وجوده يسيء لسمعة المقهى ولأن الشحاذ في نظره لا يحق له الجلوس، كما يحق لغيره من الناس. ومع إصرار كل منهما على موقفه يمتنع النادل عن تقديم القهوة قائلاً له، إن المقهى لا يأوي أمثاله، وتتصاعد الأحداث. وهنا يظهر دور الهاتف كشخصية لها دورها في تحريك الأحداث كأي ممثل. ويطلب الثري من عامل المقهى أن يعطي الهاتف للشحاذ بإصرار، لكن هذا الأخير يرفض قبول تلك الهبة بحجة أنه لا يأخذ الهبات، وخاصة أنه أخذ حاجته لشرب فنجان من القهوة واكتفى بذلك. وهنا تدخل المرأة لتحسم الصراع وتقنع الشحاذ بأخذ الهاتف والحقيبة ليستفيدا منهما معا. واقعية الفكرة لقد استطاع كاتب النص ومخرج العمل «واسيني» والممثل فيه أيضا العامري، أن يشكل عرضا مسرحيا مؤثرا، على الرغم من بساطته. فالفكرة الواقعية قوية وتظهر هوة اجتماعية كبيرة بين نظرة بعض الأثرياء إلى الفقراء وكأنهم بلا مشاعر إنسانية. وهذه الصورة موجودة بحدة في مجتمعات كثيرة في هذا العالم. وإذا كانت حواء هي عنصر الإغراء والإقناع، فإن دورها هو الذي دفع الأحداث إلى نهايتها المأساوية، حين انقض الشحاذون المنتظرون على زميلهم وقتلوه. وربما كانوا يبيتون ذلك، على الرغم من ادعائهم بأنه خان العهد وقبل المال، وهي حجة ضعيفة. وقد شارك في تقديم هذا العرض المسرحي الجميل مجموعة الشباب، منهم يظهر للمرة الأولى على المسرح، ومنهم البطل الذي قدم دور الشحاذ محمد العيدروس. أما دور الرجل الثري فقد قدمه محمد عبد الرزاق، وصديقته التي أدت دورها ببراعة وإتقان هي زينب عبدالله، بينما قدم خميس الشحي دور عامل المقهى، وسلطان خالد كبير المتسولين. ومن الشباب الذين تألقوا في أدوارهم أيضا عبد الله حارب، خالد الجنيبي، عمر شداد، عبد الرحمن عبد الرزاق «مهندس الصوت»، على الرغم من أن مكان العرض صغير وغير مناسب إلا أن القدرات التمثيلية التي قدمها هؤلاء المسرحيون الشباب أضفت على العرض الكثير من المتعة في حسن الأداء مما ظهر واضحا في تفاعل الجمهور مع القصة البسيطة والأداء المميز للممثلين، كما ساهمت الرؤية الإخراجية للعامري في إيصال فكرة العرض بطريقة لامست فيها عمق الواقع الإنساني والاجتماعي. ظاهرة التسول وحول فكرة هذا العمل المسرحي »واسيني» قال العامري: «إنها تتكلم عن ظاهرة اجتماعية، وهي التسول، لكن بطريقة أخرى مغايرة، كيف أن هذا المتسول يرفض أن يأخذ من الرجل الثري أكثر من حاجته، والعمل في الوقت نفسه يكشف قاع المجتمع: كيف يفكرون وكيف ينسجون حياتهم الاجتماعية، ثم يثور الشحاذون ضد الشحاذ الذي تنازل عن مبادئهم واعتبروه أنه رخّص نفسه، عندما تغير أثناء المغريات، ومنها المرأة التي استطاعت وحدها أن تغيره، وهنا قتلوه، بدعوى أنه أخل بالعرف المتعارف بأنه لا يستجدي أحد، هم يروحون للطلب لكن كونه يأتي أحد ويعطيهم، بذلك يصبح فوقهم وهم يرفضون هذه الفوقية». أما رشيد محمد عبد الرزاق، ممثل ومساعد مخرج في المسرحية، فيقول: «أسند لي دور الرجل الثري، الذي يعطي النقود للشحاذين كاستهزاء بهم، وفيها إشارة إلى أن الناس تأخذ بالخفاء، وخلال أكثر من شهر ونصف ونحن نتدرب على الدور». الشحاذ ولأن محمد أيضا ممثل دراما، وعن الفرق بين التمثيل على المسرح، وأمام كاميرا التلفزيون، يؤكد: «المسرح صعب جدا فأنا أقدم العمل أمام الجمهور مباشرة وأرى ردة الفعل لديهم، بينما التلفزيون يتم التصوير مسجلاً، وهناك قطع وإعادة إلى أن يتم المشهد كما يراد له. ومن جانبه، يقول محمد العيدروس الذي نجح في تقديم دور الشحاذ، وكيف وقف على خشبة المسرح، وعمره لا يتجاوز 18 عاماً: «هذا ثاني عمل لي مع صالح كرامة، وقد أعجبني الدور لأن صالح يعتمد في تدريبه للممثل بأن يلبسه الدور بشكل كامل، مما جعلني أشعر أن الشحاذ هو أنا، وليس محمد العيدروس الذي يتقمص دور الشحاذ، هذا هو أسلوب كرامة دائما في نصوصه، وهذا الدور هو موجود في الواقع وأنا عشته مع ناس بسطاء لكن عندهم عزة نفس». وعن جديد العيدروس غير المسرح، يوضح قائلا: «عندي فيلم قصير سوف يقدم قريبا يتحدث عن الهوية الوطنية، حيث إنني أفكر في خوض عالم الفن السينمائي وسأعمل بجهد لأصل إلى طموحي». كبير المتسولين أما من قدم دور كبير المتسولين ونجح فيه كان سلطان خالد، والذي قال: «لم أطمح فقط لأن أمثل على المسرح لكني أشتغل على كتابة الأفلام، وعندي فيلمان جاهزان والثالث ما زلت أشتغل عليه، وأحد هذه الأفلام يتحدث عن التعليم وأهميته». ـ ولأن الموسيقى كان لها حضورها في العرض المسرحي، حيث أُفتتح المشهد مع موسيقى مؤثرة، وأيضا خلال التقديم كانت الموسيقى توحي وتعبر عن الفكرة وتزيد الخط الدرامي تصاعدا، فإننا التقينا بالمؤلف الموسيقي عبد الرحمن البلوشي، والذي يقول: «عملت على الصوت بجهد، وبحثت عن بعض المقطوعات التي تناسب المسرحية، حتى يتم تناغم الموسيقى مع النص والحركة التي تقدم مع موسيقى تشبه صوت القطار وهو قادم مثلاً». الممثلة الوحيدة.. صديقة الثري في لقاء مع الممثلة الوحيدة التي كانت بالعمل، والتي قامت بدور صديقة الثري التي استطاعت أن تقنع الشحاذ بأخذ المال، زينب عبد الله، تقول: «المسرح يجعلني أتمتع بالدور أكثر من تصوير الدراما، فالمسرح بالنسبة لي هواية لا تقاوم. فعندما أقف على خشبة المسرح أشعر أني ملكة المكان، وعندما أحصل على تفاصيل الشخصية أشتغل على نفسي حتى أستطيع أن أقدم الدور بشكل جيد».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©