الليلة قبل الماضية، حلقنا في رحلة باتجاه المستقبل، بحضور الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في محاضرة استضافها المجلس الرمضاني لسموه، وتحدث فيها حميد الشمري المدير التنفيذي لوحدة صناعة الطيران بشركة مبادلة للتنمية ورئيس شركة “ستراتا” لصناعة المواد المركبة والخاصة بالطائرات. وقد كان عنوان محاضرته “ستراتا وصناعة الطيران في أبوظبي، من الرؤية إلى الواقع”. قبل عقود قليلة من الزمن، لو أنك تحدثت عن صناعة طيران عندنا، لاعتبر المستمع كلامك مجرد أضغاث أحلام. ولكن الحلم والرؤية تحولا إلى واقع ملموس، والرجل يعرض وبالأرقام، بداية الحلم الذي انطلق من رؤية ثاقبة عبرت عنها رؤية أبوظبي 2030، وهي تتجه بثقة واقتدار نحو المستقبل لإقامة مركز عالمي لصناعة الطيران. برؤية واقعية أكدها ولي عهد أبوظبي، بدعوته المحاضر إلى توضيح أبعاد مساهمة الإمارات في هذه الصناعة من خلال شركة “ستراتا”، لتصبح مزوداً رئيسياً لأجزاء وهياكل الطائرات للشركات العالمية الصنعة، وتحويل مدينة العين إلى مركز صناعة مهم في هذا المجال. وعرض المحاضر وبالأرقام حجم الاستثمار الكلي في “ستراتا”، والذي بلغ مليار درهم، بينما يتوقع أن تصل الإيرادات في الفترة ما بين 2012و2016 إلى 6?8 مليار درهم. وسلط المحاضر الضوء على النقطة الناصعة في تلك الرؤية والمتعلقة بالاستثمار في العنصر البشري، وهو يؤكد أن المصنع يهدف إلى تحقيق نسبة توطين تصل إلى 50% بحلول عام 2015، وحيث يتوقع أن يصل عدد المهندسين والفنيين المواطنين إلى ما يقارب 220 مهندساً وفنياً. وحيث سيوفر مجمع العين لصناعة الطيران “نبراس” عند اكتماله أكثر من 10 آلاف وظيفة جديدة في “دار الزين”. وتابعنا وبلغة الأرقام أيضاً، التخطيط للمشروع الوليد ليصبح لاعباً مهماً على المسرح الدولي في صناعة بهذه الأهمية والحيوية. ويجسد بصورة ملموسة الخطط الاستراتيجية للقيادة الرشيدة ورؤيتها المستقبلية لتنويع مصادر الاقتصاد الوطني. ومشاعر الفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز الإماراتي تغمر الحضور، برز أمامي ذلك السؤال الذي فاجأ به الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مجموعة من الشباب المواطنين خلال شرح مشروع في جناح هيئة الماء والكهرباء بالمعرض المصاحب لمؤتمر طاقة المستقبل في أبوظبي مؤخراً، عندما سألهم سموه “ماذا سنفعل في آخر يوم نصدر فيه آخر برميل نفط؟، هل سنضحك أم سنبكي؟”. وقبل أن يفيقوا من وقع المفاجأة، رد سموه “بالتأكيد سنضحك”؛ لأن استثمارنا فيكم أيها الشباب”. لقد حملت المحاضرة تلخيصاً محدداً لصورة من صور اطمئنان الإنسان على أرض الإمارات للمستقبل الذي حرصت قيادة وطن المحبة والعطاء على توفيره لمواطنيها، اطمئنان لم ينبع من فراغ، وإنما ثمرة تخطيط وإعداد للمستقبل. ونحن نتابع شواهد تلك الرؤى شاخصة للعيان أينما يمم المرء ناظريه. لا يملك الثقة والتفاؤل بالغد إلا ذوو الهمم العالية، وأصحاب المبادرات الجليلة لأجل مستقبل زاهر واعد. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae