بين جمال الفكرة وتجارية الهدف، تندس في ثنايا المعنى أشياء جميلة، وهي دعم الأفكار المفيدة والناجحة، وأعني أن مهرجان الرطب في ليوا له فوائد لا تعد ولا تحصى، وأهمها ما ظهر الآن أو تلك التي بدأت منذ أعوام وتطورت إلى الأحسن والأجمل. وفكرة تسمية أحد العطور بأنه عطر النخل شيء يصب في مصلحة فكرة المهرجان ذاتها، مع علمنا أن التعطر برائحة التمر نفسها قد لا توازي رائحة الليمون أو الهمبا أو اليوسفي أو حتى الجوافة. ولا نعرف أي تمر يحمل تلك الرائحة، هل التمر المدلوك والممزوج بالسمسم، أم رائحته بعد أن يمر عليه عام في القلة أو اليراب، أو التمر الجديد. إنها فكرة أصحابها ولهم حرية اختيار الأسماء، ولكن الجميل أنها تحمل اسم النخيل، وهذه إحدى فوائد مهرجان الرطب الذي أخرج الكثير من الأفكار المبدعة والجميلة التي خرجت هذا العام، كما أن الاهتمام بالنخل وثماره أصبح مهماً للجميع، ويشارك الكثير من المهتمين بالنخل في هذه الأنشطة الجميلة. ولكن إذا بدأنا بفكرة العطور وحضورها المحلي، فما المانع أن نكمل سلسلة العطور الفواكهية المحلية، ليس بالضرورة أن يتعطر بها الإنسان مباشرة، ولكن قد تصل إلى غسيل بعض المواد وتلطيف هواء الأماكن من قاعات ومرافق صحية وصالات المعارض والمصانع. دائماً تتولد الأفكار من بعضها، ويزاد عليها أو ينقص منها، قد تحمل طابعاً تجارياً، ولكن أيضاً تعريفياً ببعض النباتات أو الأمكنة. على حافة المسيرات الجميلة أو المحطات المهمة، تنبت بعض الأعشاب أو توضع بعض الأكشاك الصغيرة لبيع أشياء تناسب مرتادي تلك الأمكنة، قد تخدم المشروع ذاته، وإن تمادت قد تضيع المشروع الجميل ذاته وتحل محله وبديلة عنه وتسرق عشاقه، مع اعتقادنا بأن الذي يقام على قاعدة قوية وصلبة، ويعرف طريقه لا يهتم بالأشياء الصغيرة، بل قد تزين مساره وتبعث الإثارة والحضور والنجاح. كل الذين شاركوا أبدعوا أثناء المهرجان في أفكارهم، سواء التصنيفية لطريقة العرض أو الإبداعات الشعبية الجميلة في تقديم روائع استثمار منتوجات النخيل من سعف إلى أجزاء النخلة الأخرى، بل حتى الملابس والتطريزات المستوحاة من عناصر النخلة، كانت جميلة ومبدعة حقاً، ولعلّ الهدف الأول هو الاهتمام بالنخيل وزيادة زراعته وتنويع ثماره، والمعرفة الحقة بالنخلة في كيفية العناية بها، وتشجيع الآخرين على الاهتمام بالزراعة وتنويع منتجاتهم الزراعية، مع إعطاء النخلة الاهتمام الأكبر، ثم تأتي الإبداعات الأخرى التي تستثمر النخيل وتستفيد من كل أجزاء هذه المباركة الكريمة التي يعزها الناس جميعاً في قديم الزمان وحديثه ومستقبله. فكرة العطور المحلية المستوحاة من طبيعة هذه البيئة شيء رائع وجميل، ولدينا منذ أقدم الأزمنة بعض المناطق الداخلية التي بها بعض الأزهار العطرة والتي لم يلتفت إليها أحد في أن توظف في عطور محلية، وأهلنا القدامى يذكرون لنا أنهم عندما يصلون منطقة العين في موسم الحضارة القديمة من دبي، تشدهم كثيراً رائحة (السمن) أو الياسمين الذي يسري في المساءات مسافات طويلة وبرائحة عطرية في غاية الروعة والجمال، بالإضافة إلى رائحة الليمون والشخاخ و”الترني”، يتذكرون العين دائماً ويحنون إلى الجمال فيها وإلى روائحها ومياه الأفلاج ورائحة النخيل وثمارها، بل يذكرون أن هبوب ريح الروائح التي تأتي من جبال عُمان وصلالة تبعث على الفرح والحبور وينزل المطر في عز الحر وتكون رائحة منطقة العين جميلة. لدينا إرث طويل في جمال بعض الأزهار، ولكن لا أحد يلتفت إلى ذلك، وفكرة عطر النخيل بداية رائعة. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com