تعتبر صناعة السياحة من الصناعات القديمة، ولكنها تشهد تطوراً سريعاً وملموساً، وقد مرت هذه الصناعة بكافة عناصرها بمراحل عدة من التطور عبر عقود من الزمن، حتى وصلت إلى ما نشاهده الآن من طفرة وتطور ملحوظين، ولكن بالتأكيد مازال هناك الكثير من هذا التطور الذي سوف نشهده خلال السنوات القادمة، وسوف يشهده أبناؤنا على مر الزمن، ومن أهم العناصر المرتبطة بهذه الصناعة هي الفندقة والإقامة السياحية. فقد نشأت صناعة الفنادق وشهدت تطوراً كبيراً وسريعاً عبر عدة مراحل وفي مناطق مختلفة، فعند العرب قديماً كان يطلق على هذه الخدمة “الخان” وهو ما يعني تقديم المكان للإقامة، وعرف هذا الاسم في الكثير من المناطق، وكان للخان قوانين ودعاية وكانت هناك منافسة ولكن كانت هذه الخانات تختفي مع اختفاء المدن. وقد اهتم الإغريق منذ زمن بعيد بالفندقة وكان هناك تصنيف لها من حيث الفنادق الدينية والعادية، وعادة ما كانت الفنادق الدينية تنشأ بالقرب من دور العبادة والأماكن المقدسة، وكانت عادة مرتبطة بالاحتفالات الدينية، وكانت هناك أيضا الفنادق العلاجية والتجارية، أما الرومان فلم يقدموا الجديد خلافا ما قدمه الإغريق غير تحسين المظهر وتقنين الوضع القانوني له. وقد شهدت العصور الوسطى تطورا ملموسا للصناعة الفندقية، خاصة بين فترتي حكم هنري الرابع ولويس الثالث عشر، وإذا اردنا أن نتبحر في دراسة تاريخ الفندقة على مستوى العصور، فنحتاج إلى وقت طويل، ولكننا نذكر لمحة فقط للتأكيد على أن صناعة السياحة وعناصرها ليست وليدة العصر الحديث فقط، وإنما هي من الصناعات القديمة التي لها تطور تاريخي له أثاره، وتعتبر صناعة الفندقة من الصناعات المرتبطة بالسائح أو الزائر بشكل كبير لتوفير الإقامة الملائمة أثناء فترة تواجده بأي من الوجهات. وصناعة الفنادق اليوم من الصناعات الكبرى التي شهدت نشأة وتحالف كيانات كبرى في هذا المجال على المستوى العالمي من أجل المنافسة وتحقيق أفضل الخدمات التي تعمل على تحقيق نسبة الإشغال المطلوبة، كما أصبحت لهذه الصناعة قواعدها وقوانينها ونظرياتها الخاصة التي أدت إلى إيجاد التصنيفات الفندقية التي يتم العمل بها حاليا، والتي يتم منحها بناء على تطبيق شروط ومواصفات تم وضعها من خلال خبراء وخبرات عالمية. وقد شهدت هذه الصناعة تطورا كبيرا على مدار العقود الأخيرة، فكانت مجموعة فنادق شيراتون وهي من أقدم العلامات الفندقية في العالم والتي تعود إلى 1937 وكان لتسميتها بهذا الاسم قصة طريفة حدثت عندما حصل ارنست هندرسون على فندق ستونهافن، وكان هناك لافتة على السقف مكتوب عليها شيراتون وكانت كبيرة وثقيلة وتغييرها مكلف للغاية، وبدلاً من إزالتها قرروا الإبقاء عليها وتسمية فنادقهم بهذا الاسم والذي اصبح فيما بعد من أكبر العلامات الفندقية في العالم في فترات عدة، حيث شهدت تطورا وانتشارا كبيرين. وإذا نظرنا الآن نجد العديد من العلامات الفندقية الناجحة والمنتشرة على المستوى العالمي، ومنها ما يدار من خلال إدارات عربية وحققت نجاحات كبرى على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وهذا ما يجعلنا فخورين دائما بأننا لسنا بعيدين عن هذه الصناعة منذ نشأتها مرورا بتطورها وصولا إلى المنافسات الحالية والتي نحتل فيها مراكز متقدمة بفضل الخبرات والعمل الجاد، وما زال هناك الكثير الذي ننتظره خلال الفترات القادمة. وحياكم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com