تحيطك في هذا الشهر الفضيل مشاعر روحانية، تنقي الروح وتشرح الصدر والسريرة وتهذب السلوك وتحسن الأخلاق، تشعر بالخير في نفسك، وبالرحمة في قلبك الذي يرق ربما بفضل القرآن الكريم الذي تقرأه وترتبط به أكثر خلال أيام الشهر المبارك، وربما بفضل الصلوات التي تؤديها في وقتها حرصا على عدم تفويت الجماعة، أو صلاة القيام وذلك القنوت الجماعي كل ليلة، تنزع للتصدق وللتبرع حتى ولو بشق تمرة أو بكلمة طيبة، إنه الخير الذي لا يزال في أمة محمد. تصلي وتشكر الله وتحمده على نعمه الكثيرة، وعلى نعمة الأمن والأمان التي ينعم بها كل من يعيش على أرض هذا الوطن الغالي، تبتهل إلى الله كل يوم أن يحفظ الوطن والقيادة الرشيدة، وأن يجزي خير جزاء مؤسس هذا الوطن وبانيه المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، تتأمل، توقن بأن السماء تحب هذه الأرض فتهبها كل الخير، بل وتهبها قيادة رشيدة حكيمة، وشعبا مؤمنا خيرا بطبعه، تعود للتاريخ، العظماء الذين خرجوا من هذه الأرض، قادة وفاتحين في زمن الفتوحات الإسلامية، رحالة ومستكشفين نشروا الإسلام شرقا وغربا، أبطال وشعراء، بناة دولة وحضارة، أسهموا في الحضارة الإنسانية على مر العصور، مناجم النحاس في حفيت ذلك الحارس الأزلي الجاثم، الواحات وأشجار النخيل المباركة، مغاصات اللؤلؤ ومياه الخليج المالحة التي لطالما جادت بخيراتها الوفيرة، ولطالما مخرتها سفن البحارة والتجار منذ أقدم العصور فكان لها دائما دورها الحيوي في الملاحة البحرية وفي التجارة، هبة الله التي تنبثق من باطن الأرض، ذلك السائل الأسود الدبق الذي تحول إلى ثروة وطنية غيرت مجرى التاريخ على هذه الأرض. صعود وهبوط وصعود العماليق والفينيقيين، يعرب وحمير، أم النار ودلمون، القطارة وهيلي وجميرة ومليحة، وحضارة دولة الإمارات العربية المتحدة، وتراث خمسة آلاف عام متواصلة. تعود إلى مدينتك قبل السحر، يلفت نظرك ذلك الكائن النوراني الأسطوري الحلزوني على جبل حفيت، تبهرك تلك الأضواء وكأنك تراها للمرة الأولى، رائحة الصباح، صلوات الكائنات التي تستعد لبدء رحلة البحث عن الأرزاق، صلاة الفجر، تنظر إلى نفسك، إلى كيانك، إنجازاتك، ما انت عليه الآن، تشعر بأنك مدين للوطن بالكثير، وبأنك عاجز عن رد الجمائل، تحمل ذلك الدين على عاتقك كأمانة تسعى لردها كلما دعا الداعي لذلك، تقسم ببذل مزيد من الجهد في خدمة الوطن حتى ولو كان عن طريق إخلاصك في العمل. rahaluae@gmail.com