لم يكتف صندوق المتعثرين بمساعدة المواطنين غير القادرين على سداد ديونهم، وتمكينهم من التسديد بأقساط ميسرة، ودعم المقترضين ومساندتهم، بل امتدت أياديه للوقوف على أسباب الاقتراض، والعمل على الحد منها، والقيام بحملات توعية للمجتمع، حتى لا يقع المواطن في دوامة الديون التي قد لا يجد لنفسه مخرجا منها. والأجمل من ذلك الحملة الإعلامية التي ركزت على توعية الناس بأهمية الحفاظ على المال، وعدم اللجوء للاقتراض لأسباب كمالية أو ثانوية، تدخل صاحبها في متاهات، وتضعه فيما لا يحسد عليه، ليجد نفسه ضائعاً ما بين الدين والالتزام بالتسديد بما لا يطيق. وحملت الإعلانات التي تهدف لرفع الوعي العام لدى الجمهور بمخاطر الاقتراض غير المدروس عنواناً جميلاً "القروض نعيم مؤقت"، وقد يكون الأكثر تعبيراً عن واقع الذين يتجهون للاقتراض في كل صغيرة وكبيرة، إذ لا شك قد ينعم المقترض بأموال الدائنين، ولكن لفترات محدودة، ثم تنقلب الأمور في وقت قصير إلى جحيم يخيم على المقترض وعائلته، ويجعله يعيش في هموم ومشاكل بين الرغبة في توفير المتطلبات الأساسية للعائلة أو الأهل، وضرورة تسديد مبالغ القرض التي تراكمت على ظهره. وكثير من المقترضين الذين حملوا أنفسهم مبالغ لا يطيقونها، تجدهم بين مطرقة الأقساط وسندان متطلبات الحياة الأساسية، فالقرض يجر وراءه قروضاً أخرى، وفوائد مضاعفة ولا سبيل أمام المقترض للخروج من تلك المصائب، إلا من رحم ربي. وبفضل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، الذي أمر بإنشاء صندوق لتسديد الديون عن المتعثرين، ومنحهم فرصة، فقد كان ذلك بارقة الأمل التي دخلت عدداً كبيراً من البيوت، وأسعدت العديد من الأسر التي وجدت المخرج، والحل لتسوية الديون بأسلوب ميسر ومريح، ومنحتهم الفرصة للحياة من دون هموم ومشاكل الدين. ولاشك أن هناك أبعاداً أخرى جاءت مع مساعدة المتعثرين، أهمها الحفاظ على النسيج الاجتماعي والترابط الأسري، وإنقاذ شباب من الغرق في الدين الذي وضعوا أنفسهم فيه. والصندوق وجد أن من بين الحلول توعية الناس بمخاطر الاقتراض المختلفة، والعمل على وضع الضوابط الرئيسة التي تحد من تزايد الاقتراض غير الواعي، وغير المدرك للطرق والسبل التي تمكن من سداد ما ألزم المقترض نفسه به، والحملات التوعوية جاءت في الوقت المناسب، وانتهزت فرصة شهر رمضان لتوعية الناس وتنبيههم للمخاطر المترتبة على الاقتراض. وأقول للمقترضين: إنكم حظيتم بفرصة عظيمة للتخلص مما عليكم من ديون بفضل القيادة الحكيمة التي تنظر لأبنائها بنظرة حانية، ولكن الآن الدور عليكم لإثبات لأسركم وأهلكم وبلدكم أنكم قادرون على خدمتهم ورد الجميل لوطننا الغالي. halkaabi@alittihad.ae